قاموس «First».. ماذا تعرف عن «الاقتصاد الريعي المركب»؟
First Bank
يُعد الاقتصاد الريعي المركب أحد الأنماط الاقتصادية المعقدة، ويقصد به اعتماد الدولة على مزيج من المصادر الريعية المتعددة في توليد الدخل، مثل عوائد الموارد الطبيعية، والرسوم والضرائب غير المباشرة، والتحويلات الخارجية، والدخل المالي، دون أن يقابل ذلك نمو موازٍ في القطاعات الإنتاجية الحقيقية ذات القيمة المضافة.
ورغم أن تعدد مصادر الإيرادات قد يبدو عاملًا داعمًا للاستقرار المالي على المدى القصير، إلا أنه غالبًا ما يُخفي ضعفًا هيكليًا في بنية الاقتصاد، حيث يقل الاعتماد على الصناعة والزراعة والتكنولوجيا، ويتراجع دور الإنتاج في خلق الثروة وفرص العمل المستدامة.
وينشأ الاقتصاد الريعي المركب عادةً نتيجة غياب استراتيجية تنموية واضحة، أو بسبب سهولة تحصيل الإيرادات الريعية مقارنة بالاستثمار طويل الأجل في القطاعات الإنتاجية، فضلًا عن توسع الدولة في فرض الرسوم والاعتماد على التدفقات الخارجية بدلاً من تعميق التصنيع وزيادة الصادرات.
وتكمن خطورة هذا النمط الاقتصادي في تشوه الحوافز الاقتصادية، إذ تميل الموارد ورؤوس الأموال إلى التركز في الأنشطة الريعية السريعة العائد، على حساب الاستثمار الإنتاجي، مما يؤدي إلى ضعف النمو الحقيقي، وتباطؤ الابتكار، وارتفاع معدلات البطالة المقنّعة.
كما يُسهم الاقتصاد الريعي المركب في زيادة هشاشة المالية العامة، حيث تصبح الإيرادات شديدة الحساسية للتقلبات الخارجية، سواء في أسعار السلع أو حركة رؤوس الأموال أو التحويلات، وهو ما ينعكس سلبًا على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي عند حدوث أزمات.
وفي الختام، يوضح الاقتصاد الريعي المركب أن تنوع مصادر الدخل لا يكون صحيًا بالضرورة إذا لم يستند إلى قاعدة إنتاجية قوية، إذ إن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب التحول من الاعتماد على الريع إلى بناء اقتصاد منتج قادر على خلق قيمة مضافة حقيقية ودعم النمو طويل الأجل.
