أكد بنك قطر الوطني QNB أن الإصلاحات الهيكلية التي تحتاجها البلدان النامية لمواصلة عملية اللحاق بركب الاقتصادات

FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



«QNB»: تحديات كبيرة تواجه الإصلاحات الهيكلية بالأسواق الناشئة

مجموعة QNB  FirstBank
مجموعة QNB

أكد بنك قطر الوطني "QNB" أن الإصلاحات الهيكلية، التي تحتاجها البلدان النامية لمواصلة عملية اللحاق بركب الاقتصادات المتقدمة، تواجه تحديات كبيرة، تتمثل بتباطؤ الاقتصاد الصيني على المدى الطويل، وركود التجارة العالمية، والرياح المعاكسة القوية الناجمة عن ضعف الإنتاجية وتراجع نمو الاستثمار.

وتوقع البنك في تقريره الأسبوعي، أن يستمر التباطؤ واسع النطاق في نمو الإنتاجية بهذه الأسواق، ما يضيف عائقا آخر للنمو الاقتصادي، ووفقا لتقديرات البنك الدولي، نمت الإنتاجية فيها بمعدل متوسط بلغ 2.2 بالمئة في الفترة من 2000 إلى 2010، ثم تباطأت إلى 1.6 بالمئة في الفترة من 2011 إلى 2021، وسيتعزز هذا الاتجاه بشكل أكبر، مع انخفاض متوسط نمو الإنتاجية إلى 1.4% خلال الفترة من 2022 إلى 2030.

وعزا التقرير تباطؤ نمو الإنتاجية إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك تباطؤ نمو عدد السكان في سن العمل، وضعف نمو التحصيل التعليمي، وتضييق فجوة الإنتاجية مع الاقتصادات المتقدمة، ما يعني ضمنا تراجع عملية اللحاق بركبها، علاوة على ذلك، فإن قدرة الأسواق الناشئة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي للتصدي لتراجع نمو الإنتاجية أمر غير مؤكد إلى حد كبير.

وأكد أنه بعد عقدين من الأداء الاستثنائي، سيستمر النمو في الأسواق الناشئة بالاعتدال، خلال السنوات المقبلة، نظرا للرياح المعاكسة القوية، والتباطؤ الصيني، وركود التجارة العالمية، وهذا من شأنه أن يزيد التحديات أمام الإصلاحات المنشودة.

وأضاف التقرير أن الأسواق الناشئة كانت محركا للنمو الاقتصادي العالمي لسنوات عديدة، وحققت هذه الأسواق، التي تعرف بأنها مجموعة البلدان التي تمر بمرحلة تنمية اقتصادية سريعة، نموا بمعدلات أعلى بثلاث نقاط مئوية من نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة لأكثر من عقدين من الزمن، حيث تسارع النمو فيها بشكل قوي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين من معدل متوسط لخمس سنوات يقل عن 4% إلى ذروة بلغت 7.6% في 2007.

ولفت إلى أن صعود الاقتصاد الصيني شكل جزءا مهما من هذه التطورات الكلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ويتمثل التأثير المباشر في ثقل وزن الصين بالأسواق الناشئة وتحقيقها لمعدلات نمو تقترب من 10% لعدة عقود، أما الجانب غير المباشر، فيتمثل في التأثير على الاقتصادات الأخرى من خلال روابط سلسلة التوريد، والطلب على السلع المستوردة، والتأثير المتزايد في تدفقات الاستثمار الدولي.

وأشار التقرير، إلى أن الأداء الاستثنائي للأسواق الناشئة بدأ يفقد قوته بعد الأزمة المالية العالمية في الفترة 2007 - 2008، وواجهته لاحقا تقلبات كبيرة خلال جائحة كوفيد-19 وفي فترة التعافي منها.

كما توقع أن يقترب نمو الأسواق الناشئة من معدلات أكثر اعتدالا تبلغ حوالي 4% حتى عام 2030، استنادا إلى ثلاثة عوامل رئيسة من شأنها أن تؤثر على أدائها مستقبلا: أولا، من المتوقع أن ينخفض نمو استثمارات رؤوس الأموال بالأسواق الناشئة إلى أقل من متوسط معدلات العقدين الماضيين، حيث كانت الفترات السابقة من النمو الاستثماري القوي مدعومة بالتوسع الائتماني الكبير، وتدفقات رؤوس الأموال، والتحسينات في معدلات التجارة، والإصلاحات الرامية إلى تعزيز المناخ الاستثماري، وخلال الفترة من 2000 إلى 2010، بلغ متوسط النمو الاستثماري فيها 9.4%، لكنه انخفض إلى 4.8% خلال الفترة من 2011 إلى 2021.

وكان هذا التباطؤ واسع النطاق في جميع مناطق الأسواق الناشئة، وتم تفسيره بعوامل تشمل تدهور معدلات التبادل التجاري، وارتفاع مستويات الديون، وتزايد عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، وإعادة التوازن في الصين نحو الاستهلاك والابتعاد عن الاستثمار والصادرات، وفي السياق من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، نظرا للدور الذي يلعبه تراكم رؤوس الأموال في تحقيق النمو، كما أن تباطؤ الاستثمار يشير إلى رياح معاكسة كبيرة في السنوات المقبلة.

ثانيا، ظلت التجارة الدولية تاريخيا إحدى ركائز الأداء الاقتصادي العالمي، نظرا لتأثيرها الإيجابي على نمو الناتج والإنتاجية، وتعززت عملية التكامل العالمي بفضل اتفاقيات التجارة الإقليمية، والمفاوضات متعددة الأطراف، والإصلاحات التجارية أحادية الجانب، ونتيجة لذلك، وصلت تجارة السلع كحصة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى مستويات غير مسبوقة في 2008، ومع ذلك، تباطأت التجارة خلال العقد الماضي بسبب تراجع العولمة الذي يحد من قدرة التجارة على تقديم دعم إضافي للنمو.

وكان تخفيض التعريفات الجمركية محركا للتوسع التجاري في السابق، والآن، متوسط التعريفات منخفض في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، بالإضافة إلى ذلك، فإن العوامل الهيكلية، كإعادة توازن الاقتصادات نحو الخدمات، ستؤدي إلى تقليل وزن التجارة في الاقتصاد، ومن شأن هذه العملية أن تضعف دور تجارة السلع كمحرك للنمو في السنوات المقبلة.

ثالثا، يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤا كبيرا مقارنة بأدائه في العقود السابقة، مما يقلص دوره كمحرك للنمو العالمي، فبعد 40 عاما من النمو، الذي بلغ متوسطه 9.5% خلال الفترة 1980 - 2019، يرجح أن تنخفض هذه الوتيرة إلى أقل من 5% في المتوسط، ويعود هذا التباطؤ إلى عوامل هيكلية وديموغرافية، وتراجع نمو الإنتاجية، وارتفاع مستويات الديون، وتباطؤ وتيرة الإصلاحات الهيكلية، والتهديد المتزايد المتمثل في التفتت الجغرافي الاقتصادي، ونظرا لأهمية الاقتصاد الصيني بالنسبة لنمو الأسواق الناشئة من خلال القنوات المباشرة وغير المباشرة، فإن التباطؤ في الصين يشير ضمنا إلى تحديات مهمة في السنوات المقبلة.