مؤسسات عملاقة: «كريدي موتويل».. رحلة مصرفية من التعاون المحلي إلى التأثير العالمي
First Bank

يُعد بنك كريدي موتويل (Crédit Mutuel) من أبرز المؤسسات المصرفية في فرنسا وأوروبا، ويتميّز بنموذجه التعاوني الفريد والتزامه الراسخ بمبادئ الشفافية والديمقراطية المالية.
فمنذ تأسيسه في أواخر القرن التاسع عشر، نجح البنك في بناء سمعة قوية بفضل قدرته على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، إلى جانب مساهماته المؤثرة في التنمية المجتمعية والبيئية.
تعود جذور كريدي موتويل إلى عام 1882، حين تأسست أول جمعية تعاونية مصرفية في منطقة الألزاس-لورين، مستوحاة من نموذج فريدريش فيلهلم رايفايزن الألماني. وفي عام 1947، تم تأسيس أول بنك تعاوني رسمي تحت اسم "كريدي موتويل"، ما شكّل بداية شبكة مصرفية تعاونية متكاملة في فرنسا.
شهد البنك خلال العقود التالية توسعًا ملحوظًا، حيث أطلق خدمات التأمين المصرفي في السبعينيات، وبدأ في تقديم الخدمات المصرفية عن بُعد في الثمانينيات، ما عزز مكانته كمؤسسة مالية رائدة.
يُعد كريدي موتويل من أكبر المجموعات المصرفية في فرنسا، إذ يخدم أكثر من 30 مليون عميل من خلال شبكة تضم نحو 2,000 بنك محلي.
ويتبع البنك نموذجًا تعاونيًا، يمتلك فيه العملاء حصصًا ويشاركون في عملية اتخاذ القرار.
يمتلك كريدي موتويل حصصًا في عدد من المؤسسات المالية داخل أوروبا وخارجها، من بينها بنك لوكسمبورغ، وتارجوبنك في ألمانيا، وبيوبنك في بلجيكا، بالإضافة إلى استثمارات في تونس والمغرب.
يولي البنك أهمية كبيرة للتكنولوجيا والابتكار، وكان من أوائل البنوك الفرنسية التي أدخلت أجهزة الصراف الآلي في السبعينيات، كما أطلق خدماته المصرفية عبر الإنترنت في التسعينيات.
ويُعد أيضًا من أوائل المؤسسات التي اعتمدت تقنيات الذكاء الاصطناعي في أعمالها اليومية، حيث يستخدم أكثر من 35,000 موظف هذه التقنيات بانتظام.
كما يُعتبر كريدي موتويل من البنوك الرائدة في مجال الاستدامة، إذ يشارك في مبادرات لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، بالتعاون مع مبادرة الأمم المتحدة للتمويل المستدام.
ويقدم البنك مجموعة من المنتجات المالية الخضراء، مثل قروض الانتقال الطاقي، ويدعم مشاريع الطاقة المتجددة، بما في ذلك مزارع الرياح والطاقة الشمسية.
يتبع البنك هيكلًا تنظيميًا لا مركزيًا، حيث تتكون المجموعة من 18 اتحادًا إقليميًا واتحاد زراعي وطني، تُدار جميعها من قبل العملاء الأعضاء، ما يعزز مبدأ الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار داخل المؤسسة.