قاموس «First».. ماذا تعرف عن «المضاعف الإقتصادي»؟

يُعد تأثير المضاعف الاقتصادي أحد المفاهيم المحورية في علم الاقتصاد الكلي، إذ يعبّر عن مدى قدرة أي زيادة أولية في الإنفاق — سواء كان حكوميًا أو استثماريًا أو استهلاكيًا — على توليد زيادة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي الكلي، اي أن كل جنيه يُنفق في الاقتصاد لا يتوقف أثره عند حد الإنفاق ذاته، بل يتكرر تأثيره في شكل موجات من الدخل والإنفاق الإضافي داخل الدورة الاقتصادية.

وينشأ تأثير المضاعف نتيجة التفاعل بين الدخل والإنفاق في الاقتصاد؛ فعندما تنفق الحكومة أو الأفراد أموالًا إضافية، تنتقل هذه الأموال إلى آخرين كدخل، فينفق هؤلاء جزءًا منه بدورهم، مما يزيد الطلب الكلي ويؤدي إلى مزيد من الإنتاج والتوظيف، وهكذا تتكرر الدورة عدة مرات قبل أن تتلاشى تدريجيًا، ويعتمد حجم هذا التأثير على الميل الحدي للاستهلاك، أي النسبة التي ينفقها الأفراد من أي زيادة في دخلهم.

وتزداد أهمية المضاعف الاقتصادي في فترات الركود أو ضعف النمو، حيث يمكن للإنفاق العام أو الاستثماري أن يلعب دورًا محوريًا في تنشيط الدورة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال، عندما تستثمر الدولة في مشروعات البنية التحتية، لا تقتصر الفائدة على الشركات المنفذة، بل تمتد إلى العمال والموردين والمستهلكين الذين يحصلون على دخول إضافية وينفقونها في قطاعات أخرى، مما يخلق سلسلة من الآثار الإيجابية المتتابعة.

كما أن تأثير المضاعف لا يكون دائمًا موجبًا أو قويًا؛ إذ قد يتضاءل أثره في الاقتصادات التي تعاني من تسربات مالية مرتفعة، مثل ارتفاع الضرائب أو زيادة الواردات، حيث تتسرب أجزاء من الدخل خارج الدورة المحلية، كما أن ارتفاع معدلات الادخار أو ضعف الثقة في الاقتصاد قد يقلل من حجم الإنفاق الإضافي ويضعف فاعلية المضاعف.

ومن ناحية أخرى، تختلف قوة تأثير المضاعف باختلاف نوع الإنفاق، فالمضاعف الناتج عن الإنفاق الاستثماري الحكومي غالبًا ما يكون أكبر من مضاعف الإنفاق الاستهلاكي المؤقت، لأن الاستثمار يخلق طاقة إنتاجية دائمة تساهم في النمو المستدام.

وتبرز أهمية هذا المفهوم في صياغة السياسات الاقتصادية، حيث يعتمد صانعو القرار على تقدير حجم المضاعف عند وضع خطط التحفيز المالي أو ضبط الموازنات العامة، لتحديد مقدار الإنفاق المطلوب لتحقيق الأثر الاقتصادي المرغوب.

وفي الختام، يمثل تأثير المضاعف الاقتصادي أداة تحليلية أساسية لفهم ديناميكية النمو، ودليلًا على أن الاقتصاد ليس مجرد مجموع للإنفاقات الفردية، بل منظومة متداخلة تتضخم فيها النتائج بفعل التفاعل المتواصل بين الدخل والاستهلاك والاستثمار، مما يجعل إدارة هذا التفاعل محورًا رئيسيًا لتحقيق التوازن والاستقرار في الأداء الاقتصادي.