مؤسسات عملاقة: «La Banque Postale».. من خدمات البريد إلى عملاق مالي مستدام

تأسّس البنك البريدي الفرنسي «La Banque Postale» رسميًّا في 1 يناير 2006 كذراع مصرفي تابع لمجموعة البريد الفرنسي La Poste، غير أنّ جذوره تمتدّ إلى عام 1881، حين بدأ البريد الفرنسي في تقديم خدمات الادخار البريدي، مما شكّل اللبنة الأولى لإنشاء بنك عمومي يقدّم خدمات مالية ميسّرة لجميع فئات المجتمع، لا سيّما في المناطق الريفية والنائية.
ومنذ انطلاقه، تميّز البنك بطابعه الاجتماعي، فسدّ ثغرة في السوق المصرفية عبر خدمة شرائح غير مخدومة تقليديًّا، كذوي الدخل المحدود والشباب، معتمدًا في ذلك على شبكة فروع البريد الأوسع في فرنسا، التي تضمّ أكثر من 17 ألف نقطة توزيع، مما وفّر وصولًا موسعًا لملايين العملاء.
وعلى مرّ السنوات، نما البنك وتنوّعت خدماته لتشمل التمويل العقاري، التأمين البنكي، وخدمات الاستثمار للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة والهيئات الحكومية.
وقد ارتكز «La Banque Postale» في ذلك على مبدأ «التمويل المسؤول»، الذي يحفظ التوازن بين المنافع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ولا يقف الاهتمام الوطني عند هذا الحدّ، بل حظي البنك بإدراجٍ كمؤسسة مالية ذات أهمية نظامية كبرى (G‑SIB) تحت إشراف مباشر من البنك المركزي الأوروبي، دلالةً على صلابته المالية وتمسّكه بأعلى معايير الحوكمة.
ومع التحوّل الرقمي السريع، أطلق البنك في 2019 منصة «Ma French Bank» الرقمية الموجّهة للجيل الجديد من العملاء، مسخرًا تطبيقات الهاتف المحمول والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لتحسين تجربة المستخدم وتبسيط العمليات.
كذلك أولى «La Banque Postale» البُعد البيئي أهمية قصوى في استراتيجيته، فالتزم في 2021 بالسعي نحو الحياد الكربوني في عملياته التمويلية والاستثمارية بحلول عام 2040، وأطلق سلسلة من القروض الخضراء والصكوك البيئية لدعم مشاريع الطاقة المتجددة والمباني المستدامة ووسائل النقل النظيف.
وقد حصد «La Banque Postale» على إثر ذلك تقييمات عالية من مؤسسات التصنيف البيئي والاجتماعي، ما يعزز مكانته كمؤسسة مالية عصرية ومسؤولة، مندمجة في التحولات الاقتصادية والبيئية العالمية.