مؤسسات عملاقة: رحلة بنك التوفير البريدي الصيني من الريف إلى الريادة العالمية

تأسس بنك التوفير البريدي الصيني «Postal Savings Bank of China» في 6 مارس 2007 كجزء من خطة إصلاح النظام البريدي في الصين.

وقد جاء إنشاؤه بعد تحويل خدمات التوفير التي كانت تقدمها مكاتب البريد التقليدية إلى مؤسسة مصرفية رسمية تحت إشراف مالي وتنظيمي حكومي.

بدأ البنك برأسمال مبدئي قدره 20 مليار يوان، وكانت الغاية الأساسية من تأسيسه هي دعم الفئات الضعيفة اقتصاديًا، خصوصًا سكان المناطق الريفية.

حقق بنك التوفير البريدي الصيني نموًا هائلًا منذ تأسيسه من حيث عدد الفروع وقاعدة العملاء، حيث يمتلك اليوم واحدة من أكبر شبكات الفروع المصرفية في العالم، بنحو 40 ألف فرع تغطي جميع أقاليم الصين.

ركز البنك على دعم ما يُعرف بـ"القطاعات الثلاثة الريفية": الزراعة، والمزارعين، والمناطق الريفية، إضافةً إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ولم يقتصر عمل البنك على الداخل الصيني، بل بدأ في التوسع خارجيًا عبر خدمات مصرفية عابرة للحدود، وفتح قنوات تعاون مع بنوك ومؤسسات مالية دولية، كما جذب البنك اهتمام مستثمرين دوليين كبار مثل صندوق تماسيك السنغافوري والبنك الصناعي والتجاري الصيني، مما ضاعف من قيمة البنك وأثبت مكانته كمؤسسة مالية مؤثرة عالميًا.

أولى بنك التوفير البريدي الصيني أهمية خاصة للتمويل الأخضر والأنشطة البيئية، حيث موّل مشروعات في الطاقة المتجددة والنقل المستدام والزراعة الخضراء، وقد بلغ إجمالي القروض البيئية التي منحها أكثر من 500 مليار يوان حتى منتصف عام 2023.

كما التزم البنك بمبادئ الإفصاح المناخي عبر الانضمام إلى مبادرة TCFD العالمية، وبدأ في دمج إدارة المخاطر البيئية في قراراته التمويلية باستخدام أنظمة رقمية متقدمة مثل "الخريطة الزرقاء" ونظام "Jinjing"

ويلعب البنك دورًا مهمًا في دعم المجتمعات المحلية، لا سيما في المناطق الريفية والأقل نموًا، حيث قام بتمويل برامج تعليم مالي، ومنح دراسية للفئات الفقيرة، ودعم مشروعات صغيرة للأسر المنتجة، كما قدّم قروضًا ميسرة أثناء جائحة كورونا لمساعدة الشركات على تجاوز الأزمات، مما عزز صورته كمؤسسة مالية تهدف إلى خدمة المجتمع بجانب الربحية.

تبنّى البنك التكنولوجيا المالية (FinTech) كجزء من استراتيجيته، حيث استثمر مليارات اليوانات في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الكبيرة، وتقنيات البلوكتشين، ومن أبرز إنجازاته إنشاء نظام لحجز الأصول قائم على تقنية البلوكتشين، كما طوّر تطبيقات رقمية متقدمة للعملاء، تضمنت خدمات مصرفية عبر الهاتف المحمول وتكاملًا مع منصات مثل WeChat هذا التحول الرقمي ساعد البنك على تحسين كفاءته والوصول إلى شرائح أكبر من السكان.