مؤسسات عملاقة: بنك البلاد السعودي.. من مصرف ناشئ إلى مؤسسة مالية كبرى

يعد بنك البلاد أحد أبرز البنوك الإسلامية في المملكة العربية السعودية، وقد جاء تأسيسه عام 2004 استجابة لحاجة السوق المصرفي إلى مؤسسة تقدم خدمات حديثة تتوافق كليًا مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ومنُذ اللحظة الأولى لتأسيسه حمل البنك رؤية مختلفة اعتمدت على الدمج بين الهوية الإسلامية والابتكار المالي، مما جعله ينمو بوتيرة متسارعة ويصبح أحد أهم البنوك في القطاع المصرفي السعودي خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا.

بدأت رحلة البنك بإطلاق شبكة من الفروع في مختلف مناطق المملكة، وركز على تقديم خدمات تمويلية للأفراد تتسم بالمرونة والاعتمادية، مثل التمويل العقاري وتمويل السيارات والتمويل الشخصي، وهي منتجات أسهمت في بناء قاعدة عملاء واسعة وتعزيز الثقة في البنك كمصرف إسلامي حديث.

وتزامن ذلك، مع إنشاء شركة البلاد المالية التي أصبحت الذراع الاستثمارية للمجموعة، لتتولى إدارة الصناديق الاستثمارية والمحافظ المالية والخدمات الاستشارية المتوافقة مع الشريعة، ما ساهم في تنويع مصادر الدخل وتوسيع نطاق الأعمال.

ومع مرور السنوات دخل البنك مرحلة جديدة من النمو ترتكز على التوسع والتعمق في القطاعات المالية المختلفة، فقد اتبع استراتيجية توسعية واضحة اعتمدت على تعزيز وجوده في المناطق الحيوية داخل المملكة، وتطوير خدمات الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق حلول تمويلية متخصصة لتلبية احتياجات قطاع الأعمال.

وأسهمت هذه الاستراتيجية في تحول البنك من مؤسسة تركز على خدمات الأفراد إلى كيان مصرفي شامل قادر على المنافسة مع كبرى البنوك المحلية.

وفي العقد الأخير مر البنك بمرحلة تحول رقمي غير مسبوقة، حيث اعتمد بشكل واسع على تطوير البنية التكنولوجية وإطلاق قنوات رقمية ساهمت في تقليل الاعتماد على الفروع التقليدية، وجعلت الخدمات المصرفية أكثر سهولة ومرونة.

وأصدر البنك تطبيقًا مصرفيًا متطورًا يتيح فتح الحسابات إلكترونياً، وتنفيذ المعاملات، وإدارة التمويل، وتحويل الأموال، والاطلاع على المحافظ الاستثمارية، وامتد التحول الرقمي ليشمل منصات الشركات، حيث أصبح بمقدور المنشآت إدارة حساباتها ومدفوعاتها ومعاملاتها التجارية بالكامل عبر قنوات إلكترونية آمنة وسريعة، كما أدمج البنك تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدماته التشغيلية لتعزيز جودة الخدمة وتقليل الأخطاء وتحسين تجربة العملاء.

ورغم أن نشاط البنك يتركز داخل المملكة، فإنه يمتلك بعدًا إقليميًا ودوليًا من خلال شبكة مراسلة واسعة مع بنوك عالمية، مما يسمح بتسهيل التحويلات وتمويل التجارة الخارجية، ويجعل البنك نقطة وصل مهمة لعملاء الشركات الذين يتعاملون مع الأسواق الدولية، كما أن شركة البلاد المالية تلعب دورًا مهمًا في تقديم حلول استثمارية تتوافق مع معايير عالمية، ما يعزز وجود البنك في المجال المالي الإقليمي.

وتبرز خدمات البنك بوضوح في الشمول المالي، حيث يقدم حلولًا متكاملة للفئات المختلفة، مع اهتمام خاص برواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعد من أهم محركات النمو الاقتصادي في المملكة، كما توسعت منتجات البنك لتشمل حلول دفع رقمية، وخدمات تحويل مبتكرة، وحلول تمويل عقاري متقدمة تسهم في دعم أهداف برنامج الإسكان ضمن رؤية المملكة 2030.

ولم تغب الاستدامة عن استراتيجية البنك؛ فهو من المؤسسات التي تبنّت نهجًا واضحًا في تحسين الأداء البيئي والاجتماعي والحوكمي.

ويقدم البنك منتجات تمويلية خضراء تدعم الأبنية الموفرة للطاقة والسيارات الكهربائية، ويعمل على تقليل انبعاثاته التشغيلية وتطوير آليات إدارة الطاقة في الفروع والمباني الإدارية.

كما يشارك في مبادرات المسؤولية المجتمعية التي تشمل دعم التعليم وبرامج التوعية المالية، والمساهمة في تطوير رواد الأعمال، وتمويل الأنشطة ذات الأثر الاجتماعي، ويتماشى هذا التوجه مع توجه المملكة نحو تعزيز الاقتصاد المستدام والالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية العالمية.

ويتميز بنك البلاد بقدرته على الدمج بين الالتزام الشرعي والابتكار، وبشبكة رقمية قوية تُعد من الأكثر تطورًا في المملكة، بالإضافة إلى قوة رأس ماله وجودة محفظة تمويله، والدور المهم الذي تلعبه شركة البلاد المالية في دعم أنشطته الاستثمارية، وقد ساهمت هذه العوامل في تعزيز مكانته داخل القطاع المصرفي السعودي ووضعه ضمن المؤسسات التي تشهد نموًا مستمرًا خلال السنوات الأخيرة.

ويستمر بنك البلاد في ترسيخ مكانته كمؤسسة مالية رائدة تقدم خدمات متوازنة تجمع بين الحداثة والالتزام بالشريعة، وتواكب المتغيرات في السوق المصرفي السعودي والعالمي، وتعمل على تطوير حلول ذكية تدعم رؤية المملكة وتحقق قيمة حقيقية لعملائها، ومن المتوقع أن يواصل البنك تعزيز مكانته في المستقبل بفضل استراتيجيته القائمة على التوسع الرقمي، والابتكار، والاستدامة.