مؤسسات عملاقة: البنك العربي الوطني.. 46 عامًا من الريادة المصرفية في السعودية
First Bank
تأسس البنك العربي الوطني عام 1979 كشراكة بين مجموعة من المستثمرين السعوديين والبنك العربي في الأردن، وهي علاقة ساهمت في توفير الخبرات المصرفية الأساسية في سنواته الأولى، ومنذ ذلك التاريخ بدأ البنك في ترسيخ وجوده في السوق السعودي عبر نموذج يركز على دعم القطاعات التجارية والصناعية في مرحلة ازدهار اقتصاد المملكة خلال الثمانينيات.
وخلال تلك الفترة توسع البنك بوتيرة متسارعة، فزاد عدد الفروع تدريجيًا، وتوسّعت خدماته المصرفية لتلبي احتياجات عملاء التجزئة والشركات على حد سواء، مع دخول مجالات التمويل التجاري وتمويل واردات الشركات السعودية من الأسواق العالمية، وهو ما أتاح له بناء علاقات مصرفية قوية عبر الحدود.
ومع تحول الاقتصاد السعودي في فترة التسعينيات إلى مزيد من الانفتاح والنمو، واصل البنك توسيع حضوره الجغرافي داخل المملكة، وأدخل خدمات متقدمة نسبيًا مقارنة بتلك المرحلة، مثل بطاقات الائتمان، وخدمات إدارة النقد للشركات، والخدمات المصرفية المتخصصة لتمويل المشاريع.
كما بدأ البنك خلال تلك المرحلة تعزيز شبكته الدولية عبر تطوير علاقات مع بنوك عالمية في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا لخدمة حركة التجارة المتنامية، وهو توجه عزز من مكانته كبنك محوري للشركات السعودية التي تتعامل خارج المملكة.
ومع دخول الألفية الجديدة، شهد البنك واحدة من أهم مراحل التحول في تاريخه، حيث تبنى استراتيجية تحديث واسعة شملت تطوير الأنظمة التقنية وتوسعة الخدمات الإلكترونية، وقد أدخل البنك الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول في وقت مبكر مقارنة ببعض المؤسسات الأخرى، ما جعله أحد البنوك التي أخذت بزمام المبادرة نحو الرقمنة.
وتزامن ذلك مع توسع مدروس في قاعدة العملاء وخدمات التمويل العقاري والاستهلاكي وتمويل التوسع الصناعي، لتبدأ مرحلة ترسيخ البنك كأحد أهم البنوك التجارية في المملكة من حيث حجم العمليات وتنويع مصادر الدخل.
ويستمر حضور البنك العربي الوطني اليوم في التركيز على السوق السعودي، لكنه يتمتع أيضًا بامتداد خارجي من خلال مكتب تمثيلي في لندن يسهّل وصول العملاء السعوديين إلى الأسواق الأوروبية، إضافة إلى شبكة مراسلين عالميين تمكنه من تنفيذ عمليات المدفوعات وتمويل التجارة الدولية، وهذه العلاقات الإقليمية والدولية تمنح البنك عمقًا تشغيليًا يتجاوز الحدود المحلية، وتُكسبه خبرة إضافية في خدمة الشركات الكبرى والمتوسطة ذات الارتباط العالمي.
ويقدم البنك مجموعة متكاملة من الخدمات تشمل الحسابات والبطاقات والتمويل الشخصي والتمويل العقاري، إضافة إلى خدمات الشركات التي تعد من أبرز مصادر قوته، مثل تمويل المشاريع، وتمويل رأس المال العامل، وخدمات إدارة السيولة، والاعتمادات المستندية، كما يمتلك البنك ذراعًا استثمارية تدير مجموعة من المحافظ والصناديق، الأمر الذي يعزز تنوع أنشطته ويحسن هيكل دخله.
وفي إطار التحول الرقمي، طور البنك تطبيقًا مصرفيًا حديثا يوفر مجموعة واسعة من العمليات المالية وإدارة الحسابات والبطاقات وطلبات التمويل بشكل كامل دون الحاجة لزيارة الفرع، واعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد العمليات غير الطبيعية والاحتيالية، ووسع إمكانيات التوقيع الإلكتروني والمعاملات الرقمية، وهي خطوات تعزز الكفاءة وتقلل الاعتماد على العمليات الورقية، بما ينسجم مع أهداف التحول الوطني في القطاع المالي.
ورغم قوة البنك، إلا أنه يواجه تحديات تتمثل في اشتداد المنافسة مع البنوك الرقمية والمنصات المالية الجديدة، إلى جانب ضغوط أسعار الفائدة في الأسواق العالمية، كما تفرض التحولات التقنية المتسارعة التزامًا مستمرًا بتطوير البنية الرقمية وحماية البيانات لضمان مواكبة النمو المتزايد للمعاملات الإلكترونية.
وفي مجال الاستدامة، يواصل البنك توسيع مشاركته في تمويل المشاريع الصديقة للبيئة، ويقدم حلولًا خضراء لتمويل السيارات الكهربائية والمباني الموفرة للطاقة، كما يطبق سياسات لتقليل استهلاك الطاقة داخل عملياته التشغيلية، في انسجام مع اتجاه المملكة نحو تعزيز الاقتصاد المستدام، ويسعى البنك للوصول إلى مستويات أعلى من الشفافية البيئية والاجتماعية والحوكمة عبر تقارير متخصصة تدعم التزامه بهذه المبادئ.
ويتميز البنك العربي الوطني بمزيج من الاستقرار المالي والتوسع الرقمي، إضافة إلى قوته في قطاع الشركات وشبكة فروعه الواسعة محليًا، إلى جانب ارتباطاته الدولية التي تمنحه قدرة على خدمة العملاء عبر الحدود، ويمثل البنك نموذجًا للمؤسسات المصرفية التي تجمع بين الإرث الطويل والتحول المستمر، مما يمكّنه من تلبية احتياجات سوق مصرفي شديد التنافسية ومتجدد.






