FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



قاموس «First».. ما المقصود بـ «الاختراق الاستثماري القطاعي»؟

FirstBank

يُعرف الاختراق الاستثماري القطاعي بأنه مفهوم اقتصادي تحليلي يُعبّر عن قدرة الاستثمار المحلي أو الأجنبي على النفاذ العميق داخل قطاع اقتصادي محدد، والتأثير في بنيته الإنتاجية والتكنولوجية، وإعادة تشكيل أنماط نشاطه، بما يتجاوز مجرد ضخ رؤوس أموال إلى إحداث تحولات هيكلية مستدامة في هذا القطاع.

ولا يقتصر هذا الاختراق على زيادة حجم الاستثمارات أو عدد المشروعات، بل يمتد ليشمل مدى اندماج هذه الاستثمارات في سلاسل القيمة للقطاع، وقدرتها على نقل المعرفة، وتوطين التكنولوجيا، ورفع كفاءة الإنتاج، وتحفيز الابتكار، وإعادة توزيع الأدوار بين الفاعلين الاقتصاديين داخله، سواء كانوا شركات محلية أو أجنبية أو مؤسسات حكومية.

وبخلاف التدفقات الاستثمارية التقليدية التي قد تتركز في قطاعات استهلاكية قصيرة الأجل، فإن الاختراق الاستثماري القطاعي يعكس نمطًا استثماريًا طويل المدى يستهدف القطاعات الإستراتيجية، مثل الصناعة التحويلية، والطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة، والزراعة الذكية، بحيث يسهم في بناء قاعدة إنتاجية صلبة، ويعزز قدرة الاقتصاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة تنافسيته الدولية.

وتبرز أهمية هذا المفهوم في تفسير الفوارق بين الدول التي تنجح في تحويل الاستثمارات إلى قوة إنتاجية حقيقية، وتلك التي تظل الاستثمارات فيها محصورة في أنشطة سطحية لا تغير من طبيعة الاقتصاد، إذ أن الاختراق الاستثماري القطاعي يقيس عمق الأثر وليس فقط حجمه، ونوعية التحول وليس مجرد سرعته، ومدى مساهمته في خلق فرص عمل مستدامة وتحسين جودة الإنتاج وزيادة القيمة المضافة المحلية.

كما تعتمد المؤسسات الدولية المعنية بالتنمية الاقتصادية والتنافسية الصناعية على هذا المفهوم ضمنيًا عند تحليل جودة الاستثمارات في الاقتصادات الناشئة، حيث لا تُقاس جدوى الاستثمار فقط بحجمه المالي، بل بقدرته على إحداث تحول هيكلي داخل القطاع المستهدف، وتعزيز ترابطه مع باقي القطاعات الاقتصادية، ورفع مرونته في مواجهة الصدمات الخارجية.

ويعكس الاختراق الاستثماري القطاعي في جوهره مفهوم السيادة الإنتاجية، إذ كلما نجحت الدولة في توجيه الاستثمارات نحو قطاعاتها الحيوية بعمق وذكاء، كلما تمكنت من بناء اقتصاد أكثر استقلالًا، وأكثر قدرة على المنافسة، وأكثر مرونة في مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على القطاعات الهشة أو الريعية.