مؤسسات عملاقة: Komerční banka التشيكي.. أكثر من ثلاثة عقود من الريادة المصرفية والابتكار
First Bank
تُعد مجموعة Komerční banka (KB) واحدة من أعمدة النظام المالي في جمهورية التشيك وإحدى أبرز المؤسسات المصرفية في وسط وشرق أوروبا، حيث تمتلك تاريخاً يمتد لعدة عقود من التحول الاقتصادي.
يعود الأرث التاريخي للبنك إلى عام 1990، عندما تأسس ككيان تجاري مستقل ناتج عن انفصال الأنشطة التجارية عن البنك المركزي التشيكوسلوفاكي السابق، ليكون بذلك حجر الزاوية في تمويل النهضة الاقتصادية والتحول نحو اقتصاد السوق في جمهورية التشيك.
شهد عام 1992 محطة هامة بتحويل البنك إلى شركة مساهمة عامة وإدراج أسهمه في بورصة براغ، وكانت النقلة النوعية الكبرى في تاريخ البنك عام 2001، عندما استحوذت المجموعة المصرفية الفرنسية العملاقة Société Générale على حصة الأغلبية فيه، مما نقل البنك من مؤسسة محلية إلى جزء من شبكة مالية عالمية.
بعد هذا الاستحواذ، بدأ البنك استراتيجية توسع جريئة عبر سلسلة من الاستحواذات التي شكلت هيكله الحالي كمجموعة مالية متكاملة؛ ففي عام 2006، أتم البنك الاستحواذ الكامل على شركة Modrá pyramida، وهي واحدة من أكبر المؤسسات المتخصصة في قروض الإسكان والادخار العقاري في التشيك، مما عزز سيطرته على سوق العقارات، وتلا ذلك تعزيز حصته في شركة ESSOX المتخصصة في تمويل المستهلكين والتمويل العقاري التجاري، بالتعاون مع الشركة الأم الفرنسية.
لم يتوقف النمو عند الأنشطة المصرفية التقليدية، بل امتد ليشمل قطاع التخطيط المالي طويل الأمد؛ حيث استحوذ البنك على شركة Penzijní společnost الرائدة في إدارة صناديق التقاعد، مما جعله يدير مدخرات ملايين التشيكيين، وفي السنوات الأخيرة، ركزت المجموعة على الاستحواذات التكنولوجية لتعزيز التحول الرقمي، بما في ذلك الاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة لتطوير منصات الدفع والإدارة المالية.
هذا المسار التوسعي توّج بسلسلة من الجوائز المرموقة، حيث حصد البنك جائزة «أفضل بنك في جمهورية التشيك» لعدة مرات من مجلات عالمية مثل The Banker وGlobal Finance، بالإضافة إلى حصوله على لقب «بنك العام» محلياً وتكريمات خاصة كأفضل مؤسسة في معايير «ESG»، مما يعكس نجاحه في دمج الأصول المستحوذ عليها ضمن منظومة عمل ناجحة.
يتمثل الدور الإقليمي لـ Komerční banka في كونه المركز المالي الرئيسي لمجموعة Société Générale في منطقة وسط أوروبا، فبالإضافة إلى هيمنته في السوق التشيكية، يمتلك البنك تواجداً قوياً في سلوفاكيا عبر فروع متخصصة تخدم الشركات الكبرى والتمويل التجاري.
هذا التواجد الإقليمي يسمح للبنك بتقديم حلول عابرة للحدود للشركات متعددة الجنسيات العاملة، مما يجعله شريكاً استراتيجياً في التجارة والاستثمار الإقليمي.
وفي مجال التحول الرقمي، يقود Komerční banka مبادرة طموحة تحت مسمى «KB 2025»، والتي تهدف إلى تحويل البنك إلى رائد رقمي بالكامل، استثمر البنك بكثافة في بناء النظام المصرفي الجديد الذي يعتمد على منصات تكنولوجية حديثة لتبسيط تجربة العميل وأتمتة العمليات.
كما أطلق تطبيقات متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الإنفاق وتقديم نصائح مالية مخصصة، مع التركيز على جعل كافة الخدمات المصرفية متاحة عبر الهاتف المحمول بالكامل.
يتميز Komerční banka عن منافسيه بالقوة الرأسمالية والدعم العالمي من مجموعة Société Générale الذي يوفر له استقراراً فريداً، والريادة في تمويل قطاع الشركات الكبرى والمشاريع الإنشائية، حيث يمتلك خبرة تاريخية وعلاقات عميقة مع كبرى المؤسسات الصناعية في التشيك، كما أن تكامل خدماته بين المصرفية والتقاعد والتأمين يجعله بنكًا شاملاً للخدمات المالية.
كما يدمج البنك معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة «ESG» في صميم قراراته الائتمانية، يلتزم KB بدعم "التحول الأخضر" في الاقتصاد التشيكي عبر تقديم قروض ميسرة للمشاريع التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين كفاءة الطاقة، كما يعمل البنك على مواءمة محفظته الاستثمارية مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ، ويسعى ليكون قدوة في الحوكمة المؤسسية والمسؤولية الاجتماعية.
ورغم هذا الاستقرار، يواجه البنك تحديات رئيسية، أبرزها البيئة التنافسية المحتدمة في السوق التشيكي مع ظهور بنوك رقمية جديدة وتطبيقات التكنولوجيا المالية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الضغوط التنظيمية والضريبية المحتملة على الأرباح المصرفية في أوروبا تمثل عاملاً يجب مراقبته، كما تظل التطورات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية وتأثيرها على سلاسل التوريد والطاقة عاملاً مؤثراً على جودة الائتمان في المدى الطويل.






