مؤسسات عملاقة: بي أن واي ميلون.. عملاق أمريكي يُعيد تشكيل النظام المالي العالمي

يُعد بنك بي أن واي ميلون «The Bank of New York Mellon» واحدًا من أعرق المؤسسات المالية في العالم وأكثرها تأثيرًا في النظام المالي العالمي.

تأسس البنك عام 1784 على يد ألكسندر هاملتون، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، ليصبح بذلك أقدم بنك في أمريكا لا يزال قائمًا حتى اليوم، ومنذ نشأته في نيويورك، تطور البنك بشكل لافت، محافظًا على إرثه التاريخي، ومواكبًا لتحولات الاقتصاد العالمي من خلال التوسع الدولي والتحول الرقمي والالتزام بالاستدامة.

شهد البنك تحولًا جوهريًا في عام 2007 بعد اندماج بنك نيويورك مع شركة ميلون فاينانشيال، ليُعاد تشكيل الكيان تحت اسم "بي أن واي ميلون"، جاء هذا الاندماج ليجمع بين خبرات عميقة في إدارة الأصول وخدمات الحفظ المالي والخدمات البنكية المؤسسية، مما أرسى دعائم البنك كمؤسسة مالية عالمية تدير أصولًا تفوق قيمتها 45 تريليون دولار أمريكي بين أصول محفوظة ومُدارة، وفقًا لآخر التقديرات.

يلعب بي أن واي ميلون دورًا محوريًا في النظام المالي العالمي، حيث يُعتبر من أكبر البنوك الحافظة للأصول في العالم، ويقدم خدمات متخصصة للمؤسسات الكبرى، وصناديق التقاعد، وشركات الاستثمار السيادي، ومديري الأصول، والبنوك المركزية.

وتُعد خدماته في مجالات التسوية والحفظ والإقراض والتمويل من الركائز الأساسية لتدفق رؤوس الأموال عالميًا، كما يُعد البنك طرفًا أساسياً في البنية التحتية للأسواق المالية من خلال شبكاته مع أكثر من 100 سوق حول العالم.

ويُعتبر بي أن واي ميلون من المؤسسات الرائدة في رقمنة الخدمات المالية، استثمر البنك بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الحوسبة السحابية، وتحليلات البيانات الضخمة، لتقديم خدمات أكثر كفاءة وأمانًا وشفافية لعملائه المؤسسيين.

كما أطلق البنك منصات ذكية مثل "OMNI" لإدارة البيانات والتحليلات المتقدمة، ما أسهم في تعزيز تجربة العملاء وتحسين الكفاءة التشغيلية.

يمتلك بي أن واي ميلون استراتيجية واضحة في مجال الاستدامة البيئية والمسؤولية المناخية، ويُدرج البنك الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) ضمن نماذج اتخاذ القرار الاستثماري، كما يُصدر تقارير دورية لقياس انبعاثاته الكربونية، ويعمل على تمويل مشاريع صديقة للبيئة، وضمن أهدافه للحياد الكربوني، يسعى البنك لخفض بصمته البيئية من خلال استخدام الطاقة المتجددة وزيادة كفاءة مبانيه وعملياته.

يُولي البنك اهتمامًا خاصًا بالتنمية المجتمعية وتعزيز مبادئ الشمول والتنوع في بيئة العمل، ويستثمر في برامج تعليمية وتمكينية للشباب والنساء والمجتمعات المحرومة، إلى جانب التزامات قوية في العمل التطوعي وتقديم الدعم للمنظمات غير الربحية، كما يحرص البنك على خلق بيئة عمل تحتضن التنوع الثقافي والعرقي، مع التزام واضح بمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص.