أخضر: البنك المركزي المصري... رائد التحول نحو التمويل المستدام وتعزيز الاستدامة البيئية
First Bank

في ظل التحديات المناخية العالمية، اتجه البنك المركزي المصري نحو تعزيز الاستدامة البيئية كجزء من رؤيته لتحقيق التنمية المستدامة، مؤكدًا بذلك أهمية دمج معايير البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) في القطاع المالي، فيما سعى المركزي نحو بناء نظام مصرفي يدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر ويعزز دور البنوك في حماية البيئة.
وكان إصدار تقرير "المبادئ الاسترشادية للتمويل المستدام" في يوليو 2021 أولى جهود البنك المركزي المصري، والتي تُعد خطوة رائدة لتشجيع البنوك على اعتماد نهج بيئي واجتماعي في قراراتها الائتمانية والاستثمارية، حيث نصت هذه المبادئ على توعية البنوك المحلية بأهمية تمويل المشروعات التي تُقلل من التأثيرات البيئية السلبية، وتدعم القطاعات النظيفة مثل الطاقة المتجددة، وإدارة النفايات، والزراعة المستدامة.
وخلال عام 2022، اتخذ البنك المركزي المصري خطوات استراتيجية لدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، حيث أعلن انضمامه إلى شبكة النظام المالي الأخضر الدولية، والتي تُعد من أبرز الكيانات المتخصصة عالميًا في تعزيز مفاهيم التنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية.
ويأتي هذا الانضمام في إطار التزام البنك بتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، عبر تعزيز دور القطاع المصرفي في إدارة المخاطر البيئية وتشجيع ضخ الاستثمارات في المشاريع الصديقة للبيئة.
كما أصدر البنك المركزي في نوفمبر من العام ذاته تعليمات مُلزمة بشأن التمويل المستدام، شملت عدة محاور رئيسية، أبرزها: إنشاء إدارة مستقلة للاستدامة والتمويل المستدام بكل بنك، وإدراج سياسات تنفيذية للتمويل المستدام ضمن السياسات الائتمانية والاستثمارية، والاستعانة باستشاريين بيئيين لتقييم المشاريع الكبرى، بالإضافة إلى إعداد تقارير دورية لمتابعة الأداء البيئي والاجتماعي، وذلك في إطار سعي البنك لتعزيز دور القطاع المصرفي في دعم رؤية الدولة لتحقيق التنمية المستدامة والتحول نحو اقتصاد أكثر خضرة واستدامة.
كما أطلق البنك المركزي المصري مبادرة لقياس البصمة الكربونية الخاصة بمقراته الرئيسية، وذلك لتقييم انبعاثات الكربون الناتجة عن عمليات التشغيل (مثل استهلاك الكهرباء والمياه واستخدام الوقود)، فيما أعلن عن انتهاء جميع البنوك المصرية من قياس البصمة الكربونية لمبانيها الرئيسية في ديسمبر 2022، وذلك تماشياً مع توجهات الدولة نحو التحول لتطبيقات الاقتصاد الأخضر والحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة وفقاً لرؤية مصر 2030.
وتُعد هذه المبادرة خطوة مهمة نحو تعزيز التمويل المستدام في القطاع المصرفي المصري، حيث تساهم في تقييم الأثر البيئي للأنشطة المصرفية، وضع خطط لتقليل الانبعاثات الكربونية، دعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي إطار تعزيز جهوده في التحول نحو التمويل المستدام، يسعى البنك المركزي المصري إلى بناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات دولية رائدة في هذا المجال، حيث وقع في يوليو 2024 مذكرة تفاهم مع الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) ، تهدف إلى دعم المؤسسات المالية المحلية في تنفيذ معايير التمويل المستدام وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، تشمل هذه الشراكة برامج تدريبية وتوجيهية لتطوير قدرات البنوك المصرية في مجال إدارة المخاطر البيئية والاجتماعية.
كما أبرم المركزي المصري اتفاقية تعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والتي تُعد جزءًا محوريًا في استراتيجية البنك لتحقيق أهداف الاستدامة، ويتمثل هذا التعاون في تبادل المعرفة والخبرات حول أدوات التمويل المستدام مثل السندات الخضراء والقروض الخضراء، وتقديم الدعم الفني لتحسين نظم إدارة المخاطر البيئية، يُعد التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية أيضًا فرصة للبنك المركزي لتطبيق معايير دولية عالية في القطاع المصرفي المصري.
فيما تعاون البنك مع شبكة التمويل المستدام المصرفي (SBFN)، ويلغب ذلك دورًا مهمًا في تعزيز مكانة مصر على المستوى الدولي، حيث حصلت مصر – عبر المركزي المصري– على تصنيف "التنفيذ المتقدم" (Advancing Implementation) من الشبكة في أبريل 2024، وهو تصنيف يعكس التقدم الملموس الذي أحرزته مصر في دمج معايير الاستدامة ضمن السياسات المصرفية.
ويُعد هذا التصنيف إنجازًا دوليًا يُعزز مكانة مصر ضمن الدول الرائدة في مجال التمويل المستدام، ويعكس الالتزام الفعّال في تنفيذ استراتيجيات التحول الأخضر على المستوى الوطني.
وتُسهم هذه الشراكات في توفير الدعم الفني للبنك المركزي المصري لتطوير سياسات وتشريعات تُمكّن البنوك من تبني نماذج مالية مبتكرة تواكب التوجهات العالمية، مع التركيز على تعزيز الاستثمارات في المشروعات البيئية المستدامة وتحقيق التنمية المستدامة في مصر.
ومن أبرز أولويات البنك المركزي في هذا الإطار، العمل على رفع وعي العاملين في القطاع المصرفي من خلال تنظيم ورش عمل وندوات تدريبية حول مفاهيم الاقتصاد الأخضر والتمويل المستدام. كما يشجع البنك المركزي تطوير منتجات مالية مبتكرة (مثل القروض الخضراء والسندات الخضراء) التي تخدم أهداف التنمية المستدامة.
كما أطلقت البنوك المصرية مجموعة من المنتجات التمويلية التي تساهم بشكل مباشر في تحقيق 12 هدفًا من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، حيث شملت هذه المنتجات حسابات شمول مالي مخصصة للفئات الأكثر احتياجًا، وبرامج تمويل للفلاحين وصغار المزارعين، مما انعكس إيجابًا على تحسين مستوى معيشة الفئات الأولى بالرعاية، كما اهتمت البنوك بتقديم خدمات مالية مخصصة لذوي الهمم، دعمًا للهدف الخاص بالحد من أوجه عدم المساواة.
وفي إطار دعم التعليم والمساواة بين الجنسين، قدمت البنوك برامج لتمويل المصروفات الدراسية، بالإضافة إلى منتجات وخدمات تمويلية موجهة للمرأة، وخاصة رائدات الأعمال، تشمل خدمات مالية وغير مالية، مما يعزز من مشاركة المرأة اقتصاديًا ويواكب أهداف التنمية المستدامة في مجالي التعليم الجيد والمساواة.
أما فيما يتعلق بالتغير المناخي والطاقة النظيفة، فقد طرحت البنوك أدوات تمويل خضراء مثل القروض والسندات الخضراء، لدعم المشروعات البيئية. ويُسجَّل للقطاع المصرفي المصري التزامه الكبير بمبادئ الصيرفة المسؤولة الصادرة عن مبادرة التمويل التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP FI)، حيث بلغت نسبة التزام البنوك بهذه المبادئ 75% من إجمالي المحفظة المصرفية، وهو ما يعكس حرص القطاع على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والاجتماعية.
ويلعب البنك المركزي دورًا داعمًا لمبادرات الدولة المصرية في التحول الأخضر، مثل المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، ومشروعات الطاقة المتجددة، حيث يُشجع البنوك على تمويل هذه المبادرات باعتبارها ذات بعد بيئي واجتماعي، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.