قاموس «First».. ما المقصود بتكلفة الفرصة البديلة؟
First Bank

يشير مصطلح تكلفة الفرصة البديلة إلى المكاسب المحتملة التي يتم التخلي عنها عند اختيار مورد أو قرار اقتصادي معين على حساب خيار بديل، وهو مبدأ مركزي في علم الاقتصاد، لأنه يمكن الأفراد والمؤسسات وصانعي السياسات من تقييم التكلفة الحقيقية لقراراتهم بما يتجاوز الإنفاق النقدي المباشر، ليشمل ما يتم التخلي عنه من فرص أو موارد أخرى كان يمكن استغلالها بشكل مختلف.
ويبرز المفهوم بوضوح في قرارات السياسة العامة، حيث عندما تقرر الحكومة على سبيل المثال توجيه إنفاق إضافي نحو دعم قطاع الطاقة التقليدية، فإن تكلفة الفرصة البديلة قد تكون انخفاضًا في الاستثمار في الطاقة المتجددة أو البنية التحتية للتعليم، وهذا النوع من القرارات ينعكس على المدى الطويل في بنية الاقتصاد الوطني، ومعدلات النمو، ومدى جاهزية الاقتصاد للمستقبل.
ويفرض هذا المفهوم على الشركات التحليل الدقيق لخياراتها الاستثمارية، فعلى سبيل المثال، حين تختار شركة استثمار رأس مالها في تطوير منتج جديد، فإنها تتنازل ضمنيًا عن فرص توسيع عملياتها في أسواق قائمة، أو خفض مديونيتها، وتكلفة الفرصة البديلة هنا لا تظهر في دفاتر الحسابات، لكنها تظهر لاحقًا في مستويات الربحية والمرونة الاستراتيجية.
ويشجع الاقتصاديون إلى استخدام تكلفة الفرصة البديلة كأداة مساعدة في اتخاذ قرارات قائمة على الكفاءة الاقتصادية، لا على الرغبة أو التقدير الشخصي، وهذا يتطلب الانتقال من التفكير القصير الأمد إلى التفكير الهيكلي طويل الأجل، خصوصًا في الاقتصادات التي تعاني من محدودية الموارد وتعدد الأولويات، فكل مورد يتم استهلاكه اليوم، هو مورد لن يكون متاحًا لفرصة أخرى غدًا.
ويعكس هذا المفهوم الواقع الذي يواجه الأفراد كذلك، فالفرد الذي يقرر إنفاق مدخراته على استهلاك فوري، بدلاً من استثمارها أو ادخارها للتقاعد، فأنه من الممكن أن يتكبد تكلفة غير مباشرة تتمثل في انخفاض الأمان المالي في المستقبل، وهذا يعكس كيف أن الخيارات الاقتصادية الشخصية تُبنى أيضًا على تفضيلات زمنية وتقييمات فردية للفرص المتاحة.
وتمثل تكلفة الفرصة البديلة أداة تحليلية حيوية في فهم الاقتصاد، لأنها تكشف الجانب غير المرئي من القرارات المالية والاستراتيجية، حيث إنها لا تحسب فقط ما تم دفعه، بل ما تم التخلي عنه، وفي عالم تزداد فيه القيود والتنافس على الموارد، يصبح تقدير هذه التكلفة ضرورة لفهم الصورة الكاملة لأي خيار اقتصادي سواء كان قرار دولة، أو مشروع شركة، أو حتى على مستوى الأفراد.