أخضر: الكوارث الطبيعية تواصل التصاعد وتتسبب في خسائر بقيمة 131 مليار دولار عالميًا خلال النصف الأول من 2025
First Bank

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تحيط بالكوكب، شهد النصف الأول من 2025 سلسلة من الكوارث الطبيعية المتتابعة والغير مسبوقة والتي أدت إلى خسائر اقتصادية مهولة بلغت 131 مليار دولار، منها ما يقدر بـ80 مليار دولار فقط مغطاة تأمينيًا.
الكوارث الجوية تتصدر المشهد العالمي
سجلت الكوارث المتعلقة بالطقس مثل "الفيضانات، والعواصف، والحرائق" نسبة 88% من إجمالي الخسائر خلال النصف الأول من 2025، مما ينذر من حدة هذه الكوارث وتأثيرها العالمي الكبير، ومن أبرز هذه الكوارث سلسلة حرائق الغابات في كاليفورنيا والتي تسببت في خسائر اقتصادية تقدر بـ53 مليار دولار منها 40 مليار دولار فقط مغطاة تأمينيًا فيما نتج عنها خسائر بشرية بلغت نحو 29 حالة وفاة.
زلزال ميانمار كارثة بدون حماية مالية
أما عن الزلازل فقد تصدرت المشهد بقوة خلال عام 2025 وذلك على صعيد رقع مختلفة في العالم، ففي يناير 2025، تعرضت تايوان لهزة أرضية عنيفة بلغت قوتها 6.4 درجات، وتمركزت قرب مدينتي تانيان وتشيايي، وتسبب ذلك في إصابة أكثر من 50 شخصًا وإلحاق أضرار بالمباني والمنشآت، إلى جانب انقطاع مؤقت في خدمات الكهرباء والمياه في عدة مناطق.
كما تعرضت ميانمار في مارس 2025 لزلزال مدمر بلغت قوته أكثر من 7 درجات على مقياس ريختر، وأسفر عن خسائر بشرية كبيرة ودمار واسع في الأبنية والمرافق، ومع ذلك، فإن نسبة الخسائر المغطاة تأمينيًا لم تتجاوز 3% من الإجمالي، ما يعكس ضعف ثقافة التأمين في المنطقة وغياب البنية المؤسسية اللازمة للتعافي السريع.
وخلال الأسبوع الماضي، وقع زلزال كامشاتكا قبالة الساحل الشرقي لشبه الجزيرة الروسية والذي بلغت قوته 8.8 درجات على مقياس ريختر، مما جعله واحدًا من أقوى الزلازل خلال العقد الأخير، حيث تسبب في توليد موجات تسونامي امتدت نحو اليابان وبعض سواحل ألاسكا، وأدى إلى إخلاء سكاني واسع في مدن روسية مثل بتروبافلوفسك، وسط استعدادات مكثفة للحد من الخسائر.
وبناءً عليه، تُظهر البيانات أن أكثر من 70% من الخسائر المؤمن عليها عالميًا خلال النصف الأول من عام 2025 تركزت في أمريكا الشمالية، بفضل البنية التأمينية المتقدمة، في المقابل، ورغم تزايد الكوارث في آسيا وأفريقيا، إلا أن ضعف منظومات التأمين في تلك المناطق ساهم في اتساع "الفجوة التأمينية"، أي الفرق بين الخسائر الفعلية وتلك التي تُعوض ماليًا.
أما أوروبا، فقد شهدت عامًا أقل حدة من المعتاد، مع تسجيل أضرار محدودة نتيجة فيضانات محلية، دون تجاوز المتوسط التاريخي للخسائر.
التغير المناخي يزيد من حدة الكوارث الطبيعية
وبالتطرق إلى التغيرات المناخية خلال العام الجاري، فقد أدت إلى زيادة ملحوظة في وتيرة وحدة الكوارث الطبيعية حول العالم، إذ أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة أكثر شيوعًا وتدميرًا من ذي قبل، حيث أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية تسبب في تفاقم موجات الجفاف، وزيادة احتمالية اندلاع حرائق الغابات، فضلاً عن تكثيف العواصف المدارية وتسارع ذوبان الجليد في القطبين، ما انعكس على مستويات البحار والتوازن البيئي العالمي.
كما أظهرت الدراسات أن ارتفاع حرارة المحيطات والغلاف الجوي يوفر "وقودًا إضافيًا" للأنظمة الجوية العنيفة، مما يزيد من حدة الأعاصير وشدة الأمطار الغزيرة، ويؤدي إلى فيضانات واسعة النطاق.
وهذه التطورات لا تقتصر على مناطق بعينها، بل أصبحت تمتد إلى مناطق كانت سابقًا أقل عرضة للخطر، وهو ما يستدعي تحديث خرائط المخاطر وتعزيز البنية التحتية لمواجهة التغيرات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يُفاقم التغير المناخي من حجم الخسائر البشرية والمالية، ويرفع من تكاليف التأمين وإعادة الإعمار، كما يزيد الضغط على الأنظمة الصحية والاجتماعية، ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، يُتوقع أن تتسع "الفجوة التأمينية" في الدول النامية بشكل خاص، ما لم تُتخذ إجراءات فورية لتعزيز المرونة المناخية وتوسيع نطاق التغطية التأمينية.
وتؤكد الأرقام والوقائع المتلاحقة أن الكوارث الطبيعية لم تعد مجرد أحداث استثنائية، بل أصبحت واقعًا متكررًا ومتصاعدًا، ومع تزايد الخسائر الاقتصادية واتساع الفجوة التأمينية، باتت الحاجة ملحة إلى تعزيز جاهزية الدول "خاصة النامية" من خلال خطط وقائية وتمويلات موجهة لبناء القدرة على التكيف.
كما أن مواجهة هذا التحدي العالمي تتطلب تكاتفًا بين الحكومات، والقطاع الخاص، ومؤسسات التمويل، لتأمين المجتمعات من آثار بيئية باتت تمس الأمن الاقتصادي والاجتماعي بشكل مباشر.