FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



أخضر: «الاقتصاد الدائري في مصر» صناعة صاعدة تدعم النمو المستدام وتخلق فرص استثمارية

FirstBank

تخطو مصر خطوات متسارعة نحو ترسيخ مفهوم الاقتصاد الدائري كأحد محركات النمو المستدام والتحول الصناعي، حيث لم يعد التعامل مع النفايات يقتصر على جمعها والتخلص منها، بل أصبح يُنظر إليها كمورد اقتصادي يمكن استثماره لإنتاج مواد أولية، وتقليل الاعتماد على الواردات، وخلق فرص عمل جديدة.

ويظهر هذا التحول في ارتفاع معدل تدوير النفايات البلدية إلى نحو 37% في 2024، مقارنة بـ10% فقط عام 2018، ضمن خطة طموحة تستهدف الوصول إلى 60% بحلول 2027 وفقًا لتقارير وزارة البيئة.

وتعكس هذه الأرقام إدراكًا واضحًا لدى صناع القرار بأن الاقتصاد الدائري ليس رفاهية بيئية، بل صناعة متنامية تفتح آفاقًا واسعة للاستثمار وتدعم تنافسية الاقتصاد الوطني، كما يتزامن هذا التوجه مع موجة عالمية لتبني نموذج اقتصادي أكثر استدامة، وهو ما حقق نتائج ملموسة في أوروبا والصين، حيث تجاوزت معدلات التدوير 50% في بعض الدول الأوروبية، بينما بنت الصين واحدة من أكبر الصناعات في العالم لإعادة تدوير المعادن والبلاستيك والإلكترونيات.

وشهدت السوق المصرية خلال الأعوام الأخيرة إطلاق مشروعات كبرى في هذا المجال، أبرزها "مصنع تدوير البلاستيك بكفر الدوار" باستثمارات تبلغ 1.7 مليار جنيه لإنتاج ألياف بوليستر من المخلفات، إلى جانب مبادرات دولية مثل مشروع "One Circle " لإعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية، واتفاقيات مع اليابان ومنظمة UNIDO لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجالات التدوير وتقليل استخدام البلاستيك أحادي الاستعمال.

كما برز دور البنوك كأحد المحركات الرئيسة لهذا التحول، إذ ضخ البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) تمويلات تجاوزت 140 مليون يورو لدعم مشروعات كفاءة الطاقة وإعادة التدوير، كما وقّعت الحكومة اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي واليابان لتقديم منح بملايين الدولارات لتعزيز الاقتصاد الدائري.

أما على صعيد القطاع المصرفي المصري، فقد برز دوره في دعم التحول نحو الاقتصاد الدائري من خلال تبني مبادرات التمويل المستدام وتمويل المشروعات الخضراء، فقد حصل البنك الأهلي المصري على جوائز دولية تعكس ريادته في هذا المجال، بينما فاز بنك التعمير والإسكان بالجائزة الذهبية للتمويل الأخضر ضمن جوائز Africa Grows Green بعد أن بلغت قيمة محفظته نحو 5.7 مليار جنيه، كما أطلق بنك أبوظبي التجاري – مصر برنامج "Green Facility" لدعم الشركات العاملة في المشروعات المستدامة، ما أهّله للفوز بجائزة إقليمية في التمويل المناخي.

إلى جانب ذلك، تم إطلاق برامج شراكة مثل "النمو الأخضر الشامل في مصر (IGGE)" بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) والحكومة المصرية، بهدف تعزيز التحول العادل نحو اقتصاد أخضر ودائري، ودعم سلاسل القيمة الخضراء، وبناء القدرات الفنية للمصانع والمشروعات الصغيرة. كما تعمل وزارة التجارة بالتعاون مع القطاع الخاص على دعم مشروعات إعادة التدوير في صناعة البلاستيك ضمن مبادراتها لتقليل الفاقد وتحسين كفاءة الإنتاج.

ولا يقتصر هذا التحول على الدعم الحكومي والتمويل المصرفي فحسب، بل يمتد ليشمل برامج شراكة دولية ومبادرات يقودها القطاع الخاص، حيث برزت شركات ناشئة متخصصة في جمع وفرز المخلفات، وتطبيقات ذكية تربط المستهلكين بشركات إعادة التدوير، إلى جانب تحركات كبرى الشركات الصناعية لتبني سياسات إنتاج نظيفة وتقليل الفاقد في سلاسل الإمداد.

وهذا التوجه يفتح الباب أمام فرص استثمارية واعدة في مجالات مثل إدارة النفايات الإلكترونية، وإعادة تدوير مخلفات البناء، وتحويل المخلفات الزراعية إلى طاقة أو أعلاف، وهي قطاعات لا تزال بحاجة إلى استثمارات أكبر في السوق المصري.