FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



مؤسسات عملاقة: البنك الآسيوي للتنمية.. ستة عقود من دعم النمو والتحول في آسيا

FirstBank

تأسس البنك الآسيوي للتنمية (ADB) عام 1966 في العاصمة الفلبينية مانيلا، كإحدى المبادرات الإقليمية لدعم الدول الآسيوية الخارجة من أزمات ما بعد الاستعمار والحروب، بهدف تمويل البنية التحتية وتعزيز النمو الاقتصادي.

بدأ البنك برأسمال متواضع وبمشاركة 31 دولة فقط، قبل أن يتوسع تدريجيًا ليضم اليوم أكثر من 68 عضوًا من داخل المنطقة وخارجها، بينهم قوى اقتصادية كبرى مثل اليابان والولايات المتحدة والصين.

وجعل هذا التوسع من (ADB) لاعبًا محوريًا في مسيرة التحول الاقتصادي والاجتماعي لدول آسيا والمحيط الهادئ، خصوصًا خلال العقود التي شهدت انتقال المنطقة من الفقر الواسع إلى معدلات نمو متسارعة.

وقد مر (ADB) بمراحل تطور ملحوظة، فبعد تركيزه في بداياته على مشروعات البنية التحتية التقليدية، بدأ في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي توسيع نطاق دعمه ليشمل التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.

ومع دخول الألفية الجديدة، اتجه (ADB) نحو قضايا البيئة وتمويل المناخ، معلنًا التزامه بتخصيص نصف قروضه بحلول عام 2030 لمشروعات المناخ، بعد أن كان هدفه السابق يقف عند حدود 35%.

ويعكس هذا التحول الاستراتيجي إدراكه المتنامي لارتباط تحديات التغير المناخي بالنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في المنطقة.

وتتنوع خدمات وأنشطة البنك لتشمل قطاعات النقل والطاقة والمياه والصرف الصحي والتعليم والرعاية الصحية والتحول الرقمي، فعلى سبيل المثال، يموّل البنك خطوط مترو حديثة في بنغلادش والهند لتخفيف الازدحام وخفض الانبعاثات، كما يدعم برامج واسعة للطاقة الشمسية في فيتنام والفلبين، ويوجه استثمارات كبيرة لتعزيز الأنظمة الصحية والتعليمية عقب جائحة كورونا. ويقدم كذلك الدعم الفني والاستشاري للحكومات، ما يسهم في إصلاح السياسات المالية والإدارية وتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات.

ويحظى الابتكار الرقمي بمكانة متقدمة في استراتيجيات (ADB)، حيث يستثمر في تطوير منصات دفع رقمية لتعزيز الشمول المالي، ويدعم استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لتحسين الخدمات العامة، فضلاً عن تمويل البنية التحتية الرقمية والابتكار في المدن الذكية، ليصبح طرفًا فاعلًا في تسريع التحول الرقمي بالمنطقة.

ورغم هذه النجاحات، يواجه البنك تحديات معقدة، أبرزها التوترات الجيوسياسية والتباطؤ الاقتصادي العالمي، اللذان يفرضان ضغوطًا على التدفقات التجارية والاستثمارية في آسيا، إضافة إلى تصاعد الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ، ما يضع عبئًا إضافيًا على أولويات التنمية.

كما يواجه تحديًا داخليًا يتمثل في ضرورة الموازنة بين تمويل مشروعات البنية التحتية الضخمة وضمان وصول التمويل إلى الفئات الأكثر هشاشة.

في مجال الاستدامة، رسّخ (ADB) الآسيوي للتنمية مكانته كمؤسسة رائدة في دعم التحول الأخضر، حيث خصص 58% من استثماراته في 2024 لمشروعات صديقة للبيئة، شملت الطاقة المتجددة وكفاءة استهلاك الموارد وتمويل النقل النظيف.

كما يسعى لتعزيز الإدماج الاجتماعي من خلال مشروعات تستهدف تقليص الفقر، دعم المساواة بين الجنسين، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الأساسية، إلى جانب تحديث معاييره البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.

ويُعد البنك الآسيوي للتنمية (ADB) اليوم أحد أبرز أذرع التمويل التنموي في العالم، ليس فقط بفضل قدرته على تعبئة تمويل ضخم، بل أيضًا بفضل نهجه الذي يجمع بين الاستدامة والابتكار والدعم المؤسسي، فمنذ تأسيسه قبل ما يزيد على نصف قرن ظل شريكًا رئيسيًا لدول آسيا والمحيط الهادئ في رحلتها نحو النمو والتحول.