مؤشر الحصص: منافسة شرسة بين «الإمارات دبي الوطني» و«قناة السويس» على الدخول في قائمة العشرة الكبار في القروض
ياسمين السيد

يشهد القطاع المصرفي المصري مرحلة دقيقة تتسم بإعادة رسم خريطة التنافس بين البنوك، حيث لم يعد الأمر مجرد سباق على نمو المحافظ الائتمانية، بل أصبح اختبارًا حقيقيًا لقدرة كل بنك على صياغة نموذج عمل مستدام، يجمع بين التوسع والقدرة على إدارة المخاطر، وهذه الديناميكية خلقت مشهدًا شديد الحيوية، تظهر ملامحه بوضوح في المنافسة المتصاعدة بين بنك قناة السويس وبنك الإمارات دبي الوطني – مصر.
ففي مارس 2025، تمكن بنك قناة السويس بقيادة عاكف المغربي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبنك، من دخول قائمة الكبار للمرة الأولى في تاريخه، في إنجاز عكس تحوّلًا نوعيًا في مسار البنك الاستراتيجي.
غير أن المشهد لم يبق على حاله طويلًا، ففي يونيو من العام نفسه، نجح بنك الإمارات دبي الوطني – مصر بقيادة عمرو الشافعي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في اقتحام القائمة هو الآخر، ليتراجع بنك قناة السويس إلى المركز 11 بفارق طفيف للغاية، بلغ فقط 626.46 مليون جنيه.
وتظهر القوائم المالية للبنكين حجم التحرك الاستراتيجي لكل منهما، حيث ارتفع إجمالي قروض بنك الإمارات دبي الوطني للعملاء بنحو 15.2% خلال النصف الأول من العام الجاري، ليصل إلى 96.88 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 84.06 مليار جنيه بنهاية 2024، بزيادة إجمالية قدرها 12.82 مليار جنيه.
وكانت المؤسسات المحرك الرئيسي لهذا التوسع، حيث صعدت محفظة البنك من قروض المؤسسات (شاملة القروض الصغيرة للأنشطة الاقتصادية) إلى 75.62 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 67.16 مليار جنيه بنهاية 2024، بمعدل نمو بلغ 12.6% على أساس نصف سنوي.
كما حققت محفظة قروض الأفراد نموًا ملحوظًا أيضًا، حيث قفزت بنحو 25.8% خلال النصف الأول من العام الجاري، لتبلغ 21.26 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025، مقارنة بـ16.90 مليار جنيه بنهاية 2024، بزيادة قدرها 4.36 مليار جنيه.
ولم ينعكس هذا التوسع سلبًا على جودة محفظته الائتمانية، حيث استقرت عند 96.61% بنهاية يونيو 2025، مقارنة بـ 96.38% في 2024، بما يعكس الحفاظ على مستوى قوي من الانضباط الائتماني.
في المقابل، أظهر بنك قناة السويس أداءً أكثر قوة من حيث معدل النمو، حيث تمكن من رفع إجمالي قروضه للعملاء إلى 96.25 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 79.17 مليار جنيه بنهاية 2024، بمعدل نمو بلغ 21.6%، وزيادة إجمالية قدرها 17.09 مليار جنيه.
ويرجع هذا الأداء القوي، إلى ارتفاع حجم تمويلات البنك للمؤسسات (شاملة القروض الصغيرة للأنشطة الاقتصادية) بنحو 20.5% خلال النصف الأول من العام الجاري، ليبلغ 88.79 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 73.67 مليار جنيه بنهاية 2024.
كما ارتفعت قروض البنك للأفراد إلى 7.46 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 5.49 مليار جنيه بنهاية 2024، مما يُمثل نموًا بحوالي 35.8% على أساس نصف سنوي.
وكما هو الحال مع منافسه «الإمارات دبي الوطني»، فلم يكن هذا التوسع على حساب جودة محفظته الائتمانية، حيث ارتفع معدل جودة محفظة القروض إلى 96.57% بنهاية يونيو 2025، مقارنة بـ 95.77% في 2024.
وعند النظر إلى وتيرة النمو، يتضح أن بنك قناة السويس يتحرك بخطى سريعة مدفوعًا برغبة واضحة في تعزيز حضوره ضمن قائمة الكبار، وهو ما يمنحه زخمًا لافتًا لكنه يضعه أمام تحدي الحفاظ على هذا المسار بشكل مستدام.
في المقابل، يعتمد بنك الإمارات دبي الوطني – مصر على استراتيجية نمو متوازنة تشمل توسعًا مدروسًا في محفظته، مما يمنحه ثباتًا واستقرارًا أكبر في السوق، إلى جانب الاستفادة من الدعم القوي للمجموعة الأم.
إنها منافسة على المدى القصير في الأرقام، لكنها سباق طويل على الاستراتيجيات، والسؤال المحوري خلال الفترة المقبلة: هل سينجح بنك قناة السويس في استعادة موقعه بين العشرة الكبار بفضل مرونته وسرعة تحركه، أم أن زخم الإمارات دبي الوطني المدعوم بخطط نمو متوازنة سيجعله أكثر رسوخًا في القائمة؟