يشير فخ السيولة إلى حالة اقتصادية تفقد فيها السياسة النقدية فاعليتها وخصوصا عندما تصل أسعار الفائدة إلى مستوى

FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



قاموس «First».. ما المقصود بفخ السيولة؟

FirstBank

يشير فخ السيولة إلى حالة اقتصادية تفقد فيها السياسة النقدية فاعليتها، وخصوصًا عندما تصل أسعار الفائدة إلى مستوى الصفر أو تقترب منه، حيث يصبح تخفيض الفائدة غير فعال لتحفيز الاقتصاد، ويفضل الأفراد والشركات الاحتفاظ بالأموال نقدًا بدلاً من استثمارها أو إنفاقها، مما يخلق ركودًا طويل الأمد ويضعف النمو الاقتصادي، ويُعد هذا الفخ تهديدًا حقيقيًا للاقتصادات الكبرى في أوقات الأزمات، ويحتاج إلى استجابة تتجاوز الأدوات التقليدية للبنوك المركزية.

ويظهر فخ السيولة نتيجة تراكم عدة عوامل، فعندما تبدأ البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة لمواجهة التباطؤ، وقد تصل بها إلى حدود الصفر، تتضاءل قدرة هذه الأداة على تحفيز النشاط، ومع تصاعد المخاوف من المستقبل، يبدأ الناس في تفضيل الادخار المفرط، بدلاً من الإنفاق أو المخاطرة بالاستثمار، كما أن توقّعات انخفاض الأسعار مستقبلًا، تدفع المستهلكين إلى تأجيل الشراء، الأمر الذي يزيد من ركود الطلب، كما أن البنوك، رغم توفر السيولة، تتردد في منح القروض إذا كانت البيئة الاقتصادية غير مشجعة.

وتُعد تجربة اليابان في أوائل التسعينيات من أبرز النماذج على فخ السيولة، حيث بدأت الأزمة بانهيار فقاعة الأصول، ليدخل الاقتصاد الياباني بعدها في حالة ركود طويل الأمد، وعلى الرغم من التدخلات المتكررة من بنك اليابان، لم تنجح السياسات النقدية في تحقيق التعافي الاقتصادي، حيث قام البنك بخفض أسعار الفائدة تدريجيًا حتى وصلت إلى الصفر بحلول عام 1999، ووصلت إلى مستويات سلبية عند −0.1٪ في عام 2016، ورغم هذه الإجراءات، ظل النمو الاقتصادي ضعيفًا، وبقي التضخم عند مستويات منخفضة، مما أكد محدودية تأثير السياسة النقدية التقليدية في مواجهة هذا النوع من الأزمات.

وتتطلب معالجة فخ السيولة تدخلًا مدروسًا يجمع بين أدوات السياسة النقدية والتوقعات السلوكية للأفراد والمؤسسات، ومن أبرز الحلول الممكنة هي رفع أسعار الفائدة خاصة طويلة الأجل كوسيلة فعالة لدفع البنوك إلى منح القروض، مستفيدة من العوائد الأعلى، ما يؤدي إلى تحريك السيولة الراكدة داخل النظام المالي، وكذلك يسهم رفع الفائدة قصيرة الأجل في تقليل جاذبية الاحتفاظ بالنقد، وبالتالي تشجيع الأفراد على الاستثمار بدلاً من الادخار.

كما أن خفض الأسعار يمكن أن يكون حافزًا إضافيًا فحين تصل الأسعار إلى مستويات مغرية، يندفع المستهلكون نحو الشراء، وتتحرك الأسواق بفعل الطلب المتجدد، كما يمكن لسياسة التوسع المالي إنهاء أزمة فخ السيولة من خلال تعزيز ثقة المستثمرين في قدرة الدولة على دعم النمو الاقتصادي، وخلق وظائف جديدة لدفع عجلة الطلب الداخلي.

ويتطلب القضاء على فخ السيولة مزيجًا من السياسات الشجاعة والتدخّلات المدروسة، التي تعيد بناء الثقة، وتحفّز النشاط الاقتصادي الفعلي، فالحلول التقليدية وحدها لم تعد تكفي في عالم يعاني من أزمات متكررة، لذلك يجب على الدول رسم خطط استراتيجية تركز على النمو والإنتاج، وتوجيه الموارد بشكل فعّال لتحريك الاقتصاد وكسر حالة الركود والجمود النقدي.