مؤسسات عملاقة: «بنك الصين مينشنغ».. من مؤسسة وطنية إلى عملاق مصرفي صيني
First Bank

تأسس بنك الصين مينشنغ في العاصمة بكين بتاريخ 12 يناير 1996، ليصبح أول بنك تجاري وطني يتم إنشاؤه في الصين برأس مال خاص بالكامل، في خطوة عُدت آنذاك استثنائية ضمن منظومة مالية يغلب عليها الطابع الحكومي.
وقد جاءت هذه المبادرة في إطار مرحلة الانفتاح الاقتصادي التي شهدتها الصين خلال تسعينات القرن الماضي، حيث سعت الدولة إلى تنويع أشكال الملكية داخل القطاع المصرفي، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.
منذ بدايته، حمل البنك توجهًا واضحًا يتمثل في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتقديم خدمات مصرفية مرنة تخاطب احتياجات القطاع الخاص، وهو ما منحه ميزة تنافسية فريدة بين البنوك الكبرى في الصين.
شهد بنك الصين مينشنغ نموًا ملحوظًا منذ إنشائه، وانتقل خلال فترة زمنية قصيرة من بنك متوسط الحجم إلى مؤسسة مالية متكاملة تُصنف اليوم ضمن أكبر البنوك التجارية في الصين.
يمتلك البنك حاليًا شبكة تشغيلية واسعة تشمل أكثر من 2400 فرع ووحدة تغطي نحو 138 مدينة داخل الصين، إلى جانب تواجد خارجي عبر فروع دولية في هونغ كونغ ولندن، ما يعكس طموح البنك في التوسع خارج حدود السوق المحلية.
وقد دعم هذا النمو توسع في رأس المال والموارد البشرية، حيث يتجاوز عدد موظفي البنك اليوم 63 ألف موظف، يعملون على خدمة شريحة واسعة من العملاء تشمل الأفراد، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والمؤسسات الكبرى، إلى جانب أنشطة الاستثمار المصرفي.
يولي بنك الصين مينشنغ اهتمامًا كبيرًا بتطوير البنية التحتية التكنولوجية، باعتبارها ركيزة أساسية لتعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين جودة الخدمة، وقد تبنى البنك استراتيجية متكاملة للتحول الرقمي، شملت تحديث أنظمته البنكية وتبني تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية.
كما يعمل البنك على بناء "بنك ذكي" من خلال تطوير الأنظمة الموزعة، وإطلاق تطبيقات رقمية موجهة للعملاء الأفراد والشركات، إلى جانب الاستثمار في الأمن السيبراني وتحسين تجربة العملاء عبر قنوات الخدمة الذاتية.
هذا التحول الرقمي لم يكن فقط من أجل تحسين الخدمات، بل أصبح جزءًا من ثقافة البنك التشغيلية ورؤيته طويلة المدى للريادة داخل السوق الصيني والدولي.
كما اتجه بنك الصين مينشنغ إلى دمج مبادئ الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية في سياساته التشغيلية والتمويلية، وقد انعكس هذا التوجه في ارتفاع تصنيفه إلى AAA في مؤشر MSCI ESG لعام 2024، وهو ما يؤكد التزامه المتزايد بالمعايير البيئية والمسؤولية المجتمعية.
عمل البنك على تمويل العديد من المشروعات الخضراء، وتبنى ممارسات بيئية داخلية مثل تحسين كفاءة الطاقة داخل الفروع، والاعتماد على الأنظمة الذكية لتقليل الانبعاثات. كما دعم المبادرات الحكومية الرامية إلى تعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وسعى إلى تقديم منتجات مالية مبتكرة تدعم النمو المستدام.
هذا التوجه جعل البنك شريكًا موثوقًا في جهود التنمية المستدامة داخل الصين، وساهم في تعزيز صورته كمؤسسة مصرفية مسؤولة بيئيًا واجتماعيًا.