ماذا قدم حسن عبدالله خلال 3 سنوات على مقعد محافظ البنك المركزي؟!
فاز حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي المصري، بجائزة مجلة «جلوبال فاينانس» العالمية كأحد أفضل محافظي البنوك المركزية في العالم لعام 2025، وذلك ضمن تصنيفها السنوي المرموق «Central Banker Report Cards 2025» الذي يسلّط الضوء على أبرز القيادات المصرفية التي حققت أداءً متميزًا في إدارة السياسات النقدية وتحقيق الاستقرار المالي.
ولم يكن هذا التتويج محض صدفة، بل جاء نتيجة مسار من الإصلاحات الجريئة والسياسات النقدية المتوازنة التي أعادت الثقة إلى الاقتصاد المصري ورسخت استقرار النظامين المالي والنقدي في واحدة من أكثر الفترات تحديًا على الصعيدين المحلي والعالمي.
فمنُذ توليه المنصب في أغسطس 2022، تبنّى البنك المركزي بقيادته نهجًا حاسمًا لإعادة ضبط أدوات السياسة النقدية بما يتلاءم مع طبيعة المرحلة، حيث تم رفع أسعار الفائدة بأكثر من 1200 نقطة أساس، منها 600 نقطة دفعة واحدة في مارس 2024 بالتزامن مع تحرير سعر الصرف، إلى جانب رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي على البنوك وتطوير آليات السوق المفتوحة لسحب السيولة الزائدة.
وأسهمت هذه الإجراءات في احتواء الضغوط التضخمية وإعادة الانضباط إلى سوق النقد، لينخفض معدل التضخم العام إلى 10.3% والتضخم الأساسي إلى 11.3% بنهاية سبتمبر 2025 بعدما سجّلا ذروتهما عند 38% و39.7% على التوالي في سبتمبر 2023، ليقترب بذلك من مستهدفات البنك المركزي البالغة 5% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من 2026.
ومع نجاح البنك المركزي في كبح جماح التضخم واستقرار الأسواق، اتجه حسن عبدالله خلال العام الجاري إلى اتباع سياسة توسعية مدروسة لدعم النشاط الاقتصادي وتحفيز الاستثمار، حيث خفّض البنك المركزي أسعار الفائدة بإجمالي 625 نقطة أساس (6.25%) منذ بداية العام، بواقع 225 نقطة في أبريل، و100 نقطة في مايو، و200 نقطة في أغسطس، و100 نقطة إضافية في اجتماع أكتوبر.
وانعكست السياسة النقدية المنضبطة بشكل إيجابي على تدفقات النقد الأجنبي، التى شهدت تحسنًا ملحوظًا مكّن الاقتصاد من تعزيز احتياطياته الدولية.
وقفز صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 49.53 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2025 مقارنة بـ33.14 مليار دولار في أغسطس 2022، بزيادة قدرها 13.35 مليار دولار ونمو 40.3%.
وشهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزة كبيرة منذ تولي حسن عبدالله زمام البنك المركزي، حيث ارتفعت إلى 36.5 مليار دولار خلال السنة المالية 2024/2025، مقابل 31.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2021/2022، وهو ما دعم مرونة الاقتصاد أمام الصدمات الخارجية وعزز قدرة الجهاز المصرفي على توفير الاحتياجات الدولارية.
وتحول صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي من عجز بلغ 20.3 مليار دولار في أغسطس 2022 إلى فائض قدره 17.89 مليار دولار في أغسطس 2025، وهو تحول جوهري يعكس نجاح السياسة النقدية في استعادة التوازن النقدي واستدامة تدفقات العملة الأجنبية.
ومن أبرز إنجازاته أيضًا القضاء على السوق الموازية للعملة عقب تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه في 6 مارس 2024، ما أدى إلى توحيد السوق وتعزيز الثقة في النظام المصرفي.
وانعكست الإصلاحات النقدية على المركز المالي للبنك المركزي المصري ذاته؛ حيث ارتفع إجمالي أصوله بنسبة 101%، ليصل إلى 6.1 تريليون جنيه بنهاية أغسطس 2025 مقابل 3 تريليونات جنيه في أغسطس 2022.
كما ارتفعت أرصدته لدى البنوك إلى 874.8 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2025، مقابل 170.5 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2022، بمعدل نمو 413%.
وزادت مساهماته في رؤوس أموال الشركات التابعة والشقيقة إلى 90.3 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2025، مقابل 27.5 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2022 بنمو 229%.
وارتفعت مساهماته في مؤسسات التمويل الدولية بنسبة 111%، لتصل إلى 33.5 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2025، مقابل 15.9 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2022.
بينما قفز احتياطي الذهب بنسبة 416%، ليصل إلى 683.6 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2025، مقابل 132.5 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2022.
وتحول البنك المركزي من خسائر صافية بقيمة 19.5 مليار جنيه في أغسطس 2022، إلى أرباح بقيمة 40.3 مليار جنيه في أغسطس 2025.
كما انعكست خطط الهيكلة التى قادها حسن عبدالله فى إحداث تطور ملحوظ في مؤشرات القطاع المصرفي، حيث ارتفعت أصول القطاع إلى 24 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 10.5 تريليون جنيه بنهاية أغسطس 2022، بمعدل نمو بلغ 129%.
وصعدت محفظة ودائع القطاع المصرفي بنحو 95% خلال الفترة محل التحليل، لتصل إلى 14.9 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 7.6 تريليون جنيه بنهاية أغسطس 2022.
وقفز إجمالي قروض القطاع إلى 9.3 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 3.6 تريليون جنيه بنهاية أغسطس 2022، مما يُمثل نموًا بحوالي 156%.
وارتفع رأس مال البنوك العاملة في القطاع إلى 596.5 مليار جنيه بنهاية يونيو 2025، مقابل 277.9 مليار جنيه بنهاية أغسطس 2022، بارتفاع قدره 115%.
وصعدت محفظة الأوراق المالية والاستثمارات في أذون الخزانة بالقطاع من 4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس 2022، إلى 7.1 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025، بمعدل نمو بلغ 80%.
وجاءت ثمار السياسات النقدية والإصلاحات الاقتصادية التي قادها البنك المركزي المصري لتنعكس في نظرة مؤسسات التصنيف الدولية تجاه الاقتصاد المصري، حيث أعادت وكالات التصنيف الائتماني العالمية ثقتها في أداء الاقتصاد وقدرته على التعافي المستدام، حيث رفعت وكالة «ستاندرد آند بورز» (S&P) التصنيف الائتماني لمصر من B- إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما اتخذت وكالة «فيتش» (Fitch) الخطوة نفسها.
وتُظهر هذه المؤشرات أن حسن عبدالله لم يحقق فقط استقرارًا نقديًا، بل أرسى أسس تحول هيكلي عميق في أداء البنك المركزي والقطاع المصرفي والاقتصاد المصري قائم على الانضباط والسياسات المتوازنة والاعتماد على أدوات السوق.
وقد شكّلت هذه السياسات نموذجًا يُحتذى به في إدارة الأزمات وتحقيق التوازن بين استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي، ليأتي تكريمه من مجلة «جلوبال فاينانس» انعكاسًا مستحقًا لمسيرة نجاح واضحة المعالم.












