قاموس «First».. ماذا تعرف عن مؤشر رأس المال الاجتماعي؟
First Bank

يُعرف مؤشر رأس المال الاجتماعي بأنه أداة تحليلية تقيس طبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمع، ومدى توافر عناصر مثل الثقة المتبادلة، والتعاون، والتضامن الإجتماعي، ولا يُقاس هذا المؤشر بالمال أو الإنتاج، بل يُقاس بنوعية الروابط التي تجمع الأفراد، ومدى استعدادهم للعمل الجماعي، واحترامهم للمصلحة العامة.
وبخلاف المؤشرات الاقتصادية التقليدية، فإن رأس المال الاجتماعي يعكس مدى قدرة المجتمع على التكاتف في وجه الأزمات، وحل النزاعات، وتحقيق الرفاهيه الإجتماعية، ويقيس هذا المؤشر جملة من العوامل السلوكية، منها: ثقة الأفراد في بعضهم البعض، ومشاركتهم في الأنشطة التطوعية، وعضويتهم في الجمعيات والنقابات، ومدى التزامهم بالقانون، كما تشمل آليات القياس مؤشرات تتعلق بمدى تعاون الناس في الأزمات، واستعدادهم لتبادل المساعدة دون مقابل مباشر.
وتُبرز أهمية مؤشر رأس المال الاجتماعي في قدرته على تفسير بعض الظواهر التي تعجز المؤشرات الاقتصادية التقليدية عن توضيحها، فهو يفسر لماذا تنجح بعض الدول في تجاوز الكوارث بسرعة بينما تنهار أخرى رغم توافر الموارد؟، ولماذا تحقق بعض المدن معدلات نمو عالية رغم ضعف بنيتها التحتية؟، والجواب كثيرًا ما يكون في قوة العلاقات الاجتماعية ومدى تعاون الأفراد، فالمجتمعات التي يتمتع أفرادها بثقة عالية تجاه بعضهم وتجاه مؤسساتهم يكونون أكثر احتراماً للقانون، والمشاركة في القرارات، ومساندة بعضهم خلال الأزمات، وهذه كلها عوامل تقلل من التكاليف الاجتماعية والاقتصادية وتزيد من فاعلية السياسات العامة.
وتصدر العديد من المؤسسات الدولية مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD» والبنك الدولي تقارير دورية تتناول مؤشر رأس المال الاجتماعي ضمن أطر أوسع لتقييم التنمية المستدامة وجودة الحياة، كما تُستخدم هذه التقارير في تقييم أداء الحكومات، وصياغة السياسات العامة، وحتى في قرارات المستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن مجتمعات مستقرة على المدى الطويل.
يعكس مؤشر رأس المال الاجتماعي واقعًا يتجاوز الأرقام والتقارير، إذ يكشف مدى تماسك المجتمع وقدرته على مواجهة التحديات،حيث حين تسود الثقة بين أفراد المجتمع، تصبح السياسات أكثر فاعلية، ويزدهر العمل الجماعي، وتتشكل بيئة صحية للنمو والتطور، فالمجتمعات التي تفهم أهمية هذه القيم لا تعتمد فقط على قرارات الحكومات، بل تؤمن أن بناء علاقات قوية بين الناس هو الخطوة الأولى نحو استقرار اقتصادي مستدام، وأكثر ما تحتاجه الدول اليوم هو استثمار حقيقي في الإنسان وروح الجماعة.