قاموس «First».. ما المقصود بمؤشر تسرب رأس المال البشري؟
First Bank

يُعرَّف مؤشر تسرب رأس المال البشري او ما يعرف بهجرة العقول بأنه مقياس يُستخدم لتحديد حجم الخسارة التي تتكبدها الدول نتيجة هجرة العقول والكفاءات إلى الخارج، ويُركّز هذا المؤشر على تحليل حركة الأفراد ذوي المهارات العالية، سواء كانوا باحثين، أو مهندسين، أو أطباء، أو خبراء في مجالات حيوية، ويُظهر مدى قدرة الدولة على الاحتفاظ بمواطنيها ذوي التعليم والخبرة مقابل ما تخسره من طاقات بشرية.
ويُحسب المؤشر من خلال مقارنة عدد الكفاءات والخبرات التي تغادر الدولة بعدد الكفاءات التي يتم إنتاجها داخليًا، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل نسبة العائدين مقارنة بالمغادرين، ومستوى مساهمة المغتربين في الاقتصاد المحلي، وتستعين الجهات المُعدة للمؤشر ببيانات من وزارات الهجرة والتعليم والعمل، إضافةً إلى منظمات دولية ترصد حركات الهجرة والتحصيل العلمي.
وتُبرز أهمية المؤشر في تقديم صورة دقيقة لصانعي السياسات حول التحديات المتعلقة بالهجرة الكثيفة للكفاءات، وتُساعد نتائجه على رسم خطط طويلة الأجل لاحتواء هذه الظاهرة من خلال تحسين بيئة العمل المحلية، وتوفير فرص بحثية ومهنية تُغني عن الهجرة، وتُسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وتُظهر أمثلة الدول تباينًا لافتًا في معدلات تسرب رأس المال البشري، مما يعكس تفاوت البيئات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تسجّل دول مثل سوريا، ولبنان، وفلسطين معدلات تسريب عالية بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية، وغياب الاستقرار وفرص العمل، مما يدفع الآلاف من الكفاءات للهجرة بحثًا عن بيئة آمنة وفرص أفضل.
في المقابل، تُحقق الدول ذات الدخل المرتفع مثل كندا، وأستراليا، وسويسرا معدلات تسريب منخفضة، بل وتُعد دول جذب للكفاءات، بفضل سياساتها الداعمة للبحث العلمي، والفرص المهنية المتقدمة.
يجدر الإشارة إلى أن مؤشر تسرب رأس المال البشري لم يعد مجرد مؤشر كمي، بل أصبح جرس إنذار يُنبه الحكومات إلى ضرورة تبني سياسات تشجع البحث العلمي وتعمل على توفير فرص عمل جاذبة للكفاءات العلمية، ويستوجب تحركًا استراتيجيًا عاجلًا لضمان بقاء العقول في أوطانها والمساهمة في نهضتها.