قاموس «First».. ما المقصود بدولار الصاغة؟
First Bank

يشير مصطلح دولار الصاغة إلى السعر غير الرسمي الذي يُستخدم في تسعير الذهب داخل السوق المحلي، ويُحسب هذا السعر من خلال قسمة سعر جرام الذهب في مصر بالجنيه على سعره العالمي بالدولار، ويعكس هذا السعر بشكل غير مباشر، القيمة الحقيقية التي يتم تداول الدولار بها في الأسواق غير الرسمية أو ما يعرف بالسوق السوداء، بعيدًا عن السعر المُعلن من قبل البنك المركزي المصري.
وتظهر أهمية هذا السعر في سوق الذهب المحلي، حيث يساهم بشكل مباشر في تحديد أسعار الذهب، حتى لو لم يكن سعر الدولار الرسمي قد تغيّر، فعلى سبيل المثال، إذا بلغ سعر جرام الذهب المحلي 4782 جنيهًا، وكان السعر العالمي له 94.89 دولارًا، فإن دولار الصاغة في هذه الحالة يبلغ نحو 50.4 جنيهًا، وهو عادة يكون أعلى من السعر الرسمي للدولار في البنك المركزي.
ويرتبط ظهور دولار الصاغة بعدة عوامل اقتصادية، من أبرزها تقلبات سعر الدولار في السوق الموازية، فعندما يرتفع الدولار في السوق السوداء، ينعكس ذلك مباشرة على أسعار الذهب، مما يؤدي إلى ارتفاع قيمة دولار الصاغة المُستخدم في التسعير، كذلك يعد الإقبال الكبير على الذهب خلال فترات الأزمات الاقتصادية سببًا رئيسيًا، إذ يلجأ كثير من الأفراد إلى شراء الذهب كوسيلة آمنة لحماية مدخراتهم، مما يزيد من الطلب على الدولار اللازم للاستيراد، كما يسهم غياب الاستقرار في سعر الصرف الرسمي في دفع التجار إلى اعتماد دولار الصاغة كأداة بديلة وأكثر تعبيرًا عن الواقع الفعلي في السوق.
وعلى الرغم من أن دولار الصاغة يُستخدم لضبط أسعار الذهب بما يتناسب مع السوق العالمية، إلا أن الاعتماد عليه يترتب عليه العديد من الآثار السلبية، ومن أبرز هذه السلبيات تقلبه المستمر، حيث يخضع سعره لتغيرات يومية ناتجة عن اضطرابات السوق غير الرسمية، مما يؤدي إلى تذبذب غير متوقع في أسعار الذهب، كما يسهم في رفع أسعار المشغولات الذهبية محليًا، حتى في الأوقات التي تشهد فيها الأسواق العالمية استقرارًا أو انخفاضًا في السعر، بالإضافة إلى ذلك، يُضعف استخدام هذا السعر من قدرة السياسات النقدية الرسمية على التأثير في السوق، ويمنح السوق الموازية دورًا أكبر على حساب المنظومة المالية المنظمة.
ويُعد دولار الصاغة نتيجة لعدم التوازن بين العرض والطلب على الدولار، وكذلك لعدم توافق السياسات الرسمية مع واقع السوق، وللتخلص من هذه الظاهرة أو الحد من تأثيرها، يجب معالجة الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى ظهورها، بدلاً من الاكتفاء بمواجهة نتائجها، وذلك من خلال تعزيز الثقة في البنوك والنظام المالي الرسمي، وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، وذلك عبر اعتماد سياسات مالية ونقدية مستقرة ومتكاملة تتماشى مع احتياجات السوق.
وتُعتبر ظاهرة دولار الصاغة إحدى نتائج نقص الدولار في السوق الرسمي، وانتشار الأسواق غير الرسمية نتيجة لزيادة الطلب عليه، خاصة في ظل أزمات اقتصادية أو تراجع الثقة في استقرار العملة المحلية، فعندما يعجز التجار والمستوردون عن الحصول على الدولار بالسعر الرسمي من البنوك، يتوجهون إلى السوق السوداء، وهنا يبدأ سعر غير رسمي في التكون، يتم اعتماده لاحقًا في تسعير الذهب، الذي يُعد بدوره ملاذًا آمنًا للمواطنين لحماية مدخراتهم