مؤسسات عملاقة: البنك الإسلامي للتنمية.. نصف قرن من الريادة في التمويل التنموي الإسلامي
First Bank

يُعد البنك الإسلامي للتنمية واحدًا من أبرز مؤسسات التمويل التنموي الإسلامي عالميًا، حيث تأسس عام 1973 كمبادرة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء وتعزيز التكامل المالي وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.
اتخذ البنك من مدينة جدة في المملكة العربية السعودية مقرًا له، وبدأ نشاطه بعدد محدود من الأعضاء ومعايير أولية في التمويل، قبل أن يتوسع تدريجيًا ليضم 57 دولة عضوًا موزعة على أربع قارات، متحولًا عبر العقود من مؤسسة ناشئة إلى كيان محوري.
يمتلك البنك شبكة واسعة من الخدمات التمويلية تشمل القطاعات الحكومية مثل البنية التحتية والزراعة والصحة والتعليم، ومن أبرز برامجه «استجابة الأمن الغذائي» (FSRP) الذي دعمه منُذ 2022 بمبلغ 10.54 مليار دولار، بينما بلغت الموافقات المنفذة في 2024 أكثر من 8 مليارات دولار، وهو ما يلامس 90% من الأهداف الموضوعة.
كما يولي البنك اهتمامًا خاصًا بالتنمية الاجتماعية والبيئية، حيث قدم في 2024 تمويلات لقطاعات التعليم بلغت330 مليون دولار، والرعاية الصحية بقيمة 221 مليون دولار، إضافة إلى مشروعات مناخية بقيمة 2.4 مليار دولار، تمثل 46% من التمويل السنوي المرتبط بالمناخ، وهي نسبة تجاوزت المستهدف المعلن لعام 2025.
ومع التحول العالمي نحو الرقمنة، أظهر البنك مرونة في تطوير حلول تمويلية رقمية متكاملة، مثل تمويل التجارة الإسلامية عبر منصات ذكية، ما سهل تقديم التمويل بشكل أوسع وأسرع لأعضائه.
كما تبنى أدوات تحليل بيانات لقياس أثر التمويلات وتكييف القروض وفقًا للظروف الاقتصادية ومتطلبات الشريعة الإسلامية.
رغم هذه النجاحات، يواجه البنك تحديات لا تخلو من التعقيد، أبرزها التمويل في الدول المتأثرة بالنزاعات، والتحديات المناخية التي تثقل كاهل القارة الإفريقية، إضافة إلى الضغوط المالية الناتجة عن تزايد الطلب على التمويل مقابل محدودية الموارد المؤسسية.
ويُعد التمويل المناخي أحد ركائز استراتيجيات البنك، حيث استحوذت المشاريع الخضراء على 46% من إجمالي الموافقات في عام 2024.
كما يُولي البنك أولوية خاصة لمشروعات الأمن الغذائي والتعليم والصحة في الدول الأكثر تأثرًا بالأزمات، بما يتقاطع مع أهداف التنمية المستدامة، مع الالتزام بتكامل مبادئ الشريعة الإسلامية ضمن الحلول التمويلية.
على مدار أكثر من خمسة عقود، تطور البنك الإسلامي للتنمية ليصبح قوة محورية تمثل التمويل التنموي الإسلامي في العصر الحديث، مستندًا إلى قوته الائتمانية، وتوسعه الجغرافي، وتنوع خدماته، وحرصه على الابتكار والاستدامة، ويواصل البنك تأكيد إيمانه بأن التمويل الإسلامي يمكن أن يكون قوة دافعة للتغيير العالمي الإيجابي.