تأسس البنك الإفريقي للتنمية عام 1964 في أبيدجان بساحل العاج بعد توقيع اتفاقية الميثاق من جانب 23 دولة إفريقية

FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



مؤسسات عملاقة: البنك الإفريقي للتنمية.. ستة عقود من قيادة التمويل التنموي في القارة السمراء

FirstBank

تأسس البنك الإفريقي للتنمية عام 1964 في أبيدجان بساحل العاج، بعد توقيع اتفاقية الميثاق من جانب 23 دولة إفريقية مستقلة آنذاك، ليصبح أول مؤسسة مالية إقليمية تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة.

بدأ البنك برأسمال متواضع وبإطار عمل يقتصر على الدول الإفريقية فقط، لكنه سرعان ما شهد تحولات جوهرية مع توسع العضوية لتشمل شركاء من خارج إفريقيا بعد تعديل الميثاق في عام 1982، وهو ما أتاح انضمام دول أوروبية وآسيوية وأمريكية كمساهمين، ليغدو مؤسسة متعددة الأطراف بحق.

وفي عام 2003 انتقل البنك مؤقتًا إلى تونس نتيجة الحرب الأهلية في كوت ديفوار، قبل أن يعيد مقره الدائم إلى أبيدجان في عام 2014.

ويضم البنك اليوم 81 دولة عضوًا (54 من إفريقيا و27 من خارجها)، ويُنظر إليه كذراع تمويلي رئيسي للتنمية في القارة.

في عام 2024، واصل البنك الإفريقي للتنمية تعزيز مركزه المالي، حيث بلغت قيمة الموافقات التمويلية نحو 8.47 مليار وحدة حسابية (UA)، وهي عملة حسابية خاصة بالبنك تعادل حقوق السحب الخاصة (SDR)، وذلك بزيادة ملحوظة عن العام السابق، مما يعكس اتساع نطاق عملياته.

كما أطلق البنك أداة مالية مبتكرة تمثّلت في إصدار سند هجين بقيمة 750 مليون دولار، وهو الأول من نوعه لمؤسسة تنموية متعددة الأطراف، وقد لاقى إقبالًا كبيرًا من المستثمرين حيث جرت تغطيته عدة مرات.

وعلى صعيد المناخ، خصّص البنك نحو 49% من إجمالي موافقاته لمشروعات مرتبطة بالتحول المناخي، كما رصد 322 مليون دولار عبر "نافذة العمل المناخي الجديدة" (Climate Action Window).

وتؤكد هذه النتائج قدرة البنك على الموازنة بين التوسع في الإقراض والحفاظ على قوته الائتمانية التي ما زالت تحظى بتصنيف AAA من وكالات التقييم الدولية.

أما على صعيد الأنشطة والخدمات، فإن البنك يموّل طيفًا واسعًا من المشروعات التنموية، في مقدمتها مشاريع البنية التحتية مثل الطرق والجسور وشبكات الكهرباء والمياه، إلى جانب برامج دعم الزراعة والأمن الغذائي، وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة. كما أطلق مبادرات نوعية مثل "برنامج الكهرباء لإفريقيا" الذي يستهدف توصيل الطاقة إلى 250 مليون شخص بحلول 2030، و"مبادرة التغذية في إفريقيا" لدعم نظم غذائية أكثر استدامة.

ويمتد نشاط البنك ليشمل أدوات تمويل مبتكرة مثل الضمانات الجزئية، خطوط الائتمان، والمشاركة في تمويلات مشتركة مع مؤسسات دولية كالبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي.

في مجال الابتكار الرقمي، عمل البنك على تطوير منصات رقمية لمتابعة المشروعات وتقييم أثرها بشكل فوري، كما عزز استخدام التقنيات المالية لدعم الشمول المالي، بما في ذلك تمويل خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول التي أصبحت أداة رئيسية في إفريقيا.

كما أطلق منصات تحليل بيانات لتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات الأكثر احتياجًا، وهو ما يعكس انتقال البنك من مجرد ممول تقليدي إلى مؤسسة تعتمد على الحلول الذكية في التخطيط والتمويل.

ورغم النجاحات، يواجه البنك الإفريقي للتنمية عدة تحديات، أبرزها الضغط المتزايد لتمويل احتياجات تنموية ضخمة في قارة تعاني فجوات هائلة في البنية التحتية، إلى جانب تأثير الأزمات العالمية مثل جائحة كورونا وتغير المناخ واضطرابات سلاسل التوريد.

كما يمثل ارتفاع مستويات المديونية في بعض الدول الإفريقية تحديًا لإدارة المخاطر، خاصة مع تقلب أسعار السلع الأساسية التي تشكل مصدر دخل رئيسي لاقتصادات القارة.

وتحتل الاستدامة موقعًا محوريًا في عمل البنك، حيث التزم بتخصيص ما لا يقل عن 40% من تمويلاته للمشاريع المرتبطة بالمناخ، ودعم التحول نحو الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

كما يمول البنك مبادرات للحفاظ على التنوع البيئي، ويشجع الإدماج الاجتماعي عبر برامج تستهدف تمكين المرأة والشباب.

ومن خلال تبنيه لمعايير ESG العالمية، يضمن البنك أن مشروعاته ليست فقط مربحة اقتصاديًا، بل أيضًا صديقة للبيئة وعادلة اجتماعيًا.