FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



«خفض الفائدة».. شرارة جديدة لتحريك عجلة الاستثمار في مصر

FirstBank

في ظل سعي الدولة لتنشيط الاقتصاد وتحفيز بيئة الأعمال، جاءت قرارات لجنة السياسة النقدية منذ بداية العام الجاري 2025 بشأن أسعار الفائدة (والتي أسفرت عن 4 تخفيضات حتى الآن، ليصل السعر الحالي إلى 21% للإيداع و22% للإقراض)، لتؤكد أن البنك المركزي المصري يتبنى توجهًا واضحًا نحو دعم النمو والاستثمار وتخفيف تكاليف التمويل على القطاع الخاص.

ولا يُعد هذا التحرك مجرد إجراء نقدي تقليدي، بل يمثل رسالة مباشرة بأن الوقت قد حان لتحريك عجلة الاستثمار المحلي، ودفع القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسي للنمو، بما يمكنه من التوسع في الإنتاج والخدمات وخلق مزيد من فرص العمل، خاصةً في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة وتداعياتها على الاقتصاد المصري.

ويُعد تراجع تكلفة التمويل أول الآثار المباشرة لهذه القرارات، إذ تمثل الفائدة المرتفعة واحدة من أبرز المعوقات التي كانت تقف أمام توسع الشركات، ولا سيما الصغيرة والمتوسطة، ويتيح هذا التخفيض فرصة للشركات لإعادة التفكير في خططها الاستثمارية والتوسعية بعد أن كانت الفائدة المرتفعة عبئًا يثقل ميزانياتها ويحد من قدرتها على الاقتراض.

ومن المتوقع أن يسهم هذا التوجه في تنشيط حركة الإقراض والتمويل داخل السوق، خاصة في القطاعات الإنتاجية والصناعية والخدمية، التي تعتمد بشكل مباشر على التمويل المصرفي لزيادة الطاقة التشغيلية وتوسيع قاعدة الإنتاج، مما يعزز فرص خلق الوظائف ورفع معدلات النمو الحقيقي للاقتصاد.

وفي هذا السياق، تراجع سعر الفائدة الأساسي من 27.25% إلى 21% للإيداع، ومن 28.25% إلى 22% للإقراض، بعدما قامت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بتخفيضها 4 مرات منذ بداية عام 2025.

ويأتي هذا التحرك في وقتٍ تراجعت فيه نسبة قروض القطاع الخاص من إجمالي قروض القطاع المصرفي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في فبراير 2025 لتستقر عند 42.1%، قبل أن تعاود الارتفاع بشكل طفيف لتصل إلى 42.9% بنهاية مايو 2025 وفقًا لأحدث نشرة إحصائية صادرة عن البنك المركزي المصري.

وقد يعد ذلك بمثابة بارقة أمل لتعزيز نشاط القطاع الخاص، حيث أنه على الرغم من الارتفاع الضئيل في نسبة القروض الممنوحة له من إجمالي قروض القطاع المصرفي، إلا أن قيمة محفظته في ارتفاع مستمر حيث وصلت إلى 2.65 تريليون جنيه بنهاية مايو 2025، موزعة على 2.11 تريليون جنيه بالعملة المحلية، وما يعادل 541.98 مليارًا بالعملة الأجنبية، ويعد قطاعي الصناعة والتجارة هما الأكثر استفادة من هذه التمويلات.

وعلى صعيد النمو، فقد سجلت قروض القطاع الخاص متوسط نمو سنوي بنسبة 28.8% على مدار السنوات الثلاث الماضية، "وهي الفترة التي شهد خلالها القطاع المصرفي موجة من الزيادات الحادة في أسعار الفائدة حيث انتقلت من 16.25% و17.25% للإيداع والإقراض في ديسمبر 2022 إلى ذروتها في مارس 2024 عند 27.25% و28.25% على التوالي"، قبل أن تبدأ في التراجع لتصل إلى مستوياتها الحالية في أكتوبر 2025.

وقد انعكس ذلك إيجابًا على أداء القطاع الخاص، حيث ارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى أعلى مستوى لها عند 79.5% بنهاية أول تسعة أشهر من العام المالي 2024/2025، وهو ما يعكس عودة تدريجية لدوره المحوري في دعم النشاط الاقتصادي.

وفي حال تعاظم الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة، قد ينتج عن ذلك عودة معدلات التضخم إلى الارتفاع مرة أخرى، مما سيترتب عليه اتباع سياسة نقدية تشددية قد تؤدي إلى رفع أسعار الفائدة مجددًا، وهو ما سيمثل تهديدًا محتملًا لمستوى مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترات المقبلة.

وبناءً على ما سبق، فإن تحرك القطاعات نحو التوسع وضخ استثمارات جديدة نتيجة تراجع معدلات الفائدة إلى مستويات مقبولة من حيث الاقتراض، سيؤدي إلى انعكاسات إيجابية على معدلات التشغيل وخلق فرص العمل، مما ينعكس بدوره على تحسين القوة الشرائية وتعزيز الاستهلاك المحلي، وهو ما يُعد عنصرًا أساسيًا في دفع النمو الاقتصادي.

كما تسهم هذه الخطوة في دعم جهود الدولة نحو تحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي من العملة الأجنبية، عبر زيادة الإنتاج المحلي، وتشجيع التصدير، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، بما ينعكس إيجابيًا على الميزان التجاري والاحتياطي النقدي واستقرار السوق المحلية.