أخضر: «الهيدروجين الأخضر» فرصة مصر الذهبية لقيادة مستقبل الطاقة

يُعد الهيدروجين أحد أهم حلول الطاقة النظيفة في المستقبل، فهو حامل للطاقة وليس مصدرها، ويمكن إنتاجه بطرق مختلفة تُصنف وفق بصمتها الكربونية، حيث أن الهيدروجين "الرمادي" يُنتج من الغاز الطبيعي مع انبعاثات مرتفعة، و"الأزرق" بنفس التقنية مع التقاط وتخزين الكربون، و"الأخضر" باستخدام الكهرباء المتجددة دون انبعاثات تشغيلية، و"الوردي" بالاعتماد على الكهرباء النووية.
وبفضل قدرته على تخزين الطاقة المتجددة وإزالة الكربون من قطاعات مثل الصلب والكيماويات والنقل، أصبح الهيدروجين الأخضر محورًا رئيسيًا في خطط التحول نحو الطاقة المستدامة.
مصر.. خطوات استراتيجية نحو الريادة
تمتلك مصر مقومات طبيعية ولوجستية استثنائية، مثل السواحل الغنية بالرياح في خليج السويس والغردقة، والطاقة الشمسية الوفيرة في الصعيد، وموانئ على البحرين الأحمر والمتوسط بالقرب من قناة السويس، وكل ذلك يتيح إقامة مجمعات متكاملة لإنتاج الهيدروجين ومشتقاته وتصديرها لأسواق أوروبا وآسيا، خاصة مع تزايد الطلب الأوروبي بفعل آلية الكربون على الحدود ومعايير الوقود المتجدد.
وقد أعلنت مصر الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، مع حوافز استثمارية تشمل الإعفاءات والتيسيرات لضمان توافق المشروعات مع المعايير الأوروبية وربطها بطاقة متجددة مخصصة.
ومن أبرز المشروعات المصرية في هذا المجال مشروع مصر للهيدروجين الأخضر "Egypt Green Hydrogen" في العين السخنة تحت قيادة شركة "Scatec"، لإنتاج 400 ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء بدءًا من 2027، ضمن عقد توريد مدته 20 عامًا مع "Fertiglobe".
ويأتي ذلك بالإضافة إلى توقيع عدد من اتفاقيات الأمونيا بين السلطات المصرية ومطوري المشاريع، بهدف تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لإنتاج وتصدير الوقود النظيف، وتشمل هذه الجهود خط أنابيب استثماري واسع يضم استثمارات تقدر بـ37 مليار دولار، تتوزع على عدة مشروعات في مواقع مختلفة، من بينها مشروع في دمياط بالتعاون مع Yara Clean Ammonia، بالإضافة إلى مشروعات لشركات دولية مثل DAI، وC2X، وOcior، وVoltalia، وTAQA Arabia، ما يعكس تنوع الشراكات وحجم الفرص الاستثمارية في قطاع الهيدروجين والأمونيا الخضراء بمصر.
وعلى صعيد القطاع المصرفي المصري فقد بدأ بدوره في مواكبة هذه الجهود، حيث ساهمت البنوك في دعم خطط التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال تمويل مشروعات الطاقة المتجددة، وتحلية المياه، ودعم الشركات العاملة في إعادة التدوير والنقل النظيف، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى المساهمة في مبادرات تشجير وتقليل استهلاك الموارد، بما يتماشى مع رؤية الدولة للتنمية المستدامة 2030.
كما أطلقت بعض البنوك حملات توعية لعملائها بأهمية التحول الأخضر، إلى جانب تقديم منتجات تمويلية مخصصة للمشروعات الصديقة للبيئة، بما يعزز دور القطاع المصرفي في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات وحماية البيئة.
وتعتمد الاستراتيجية المصرية في قطاع الهيدروجين الأخضر على تكامل صناعي ولوجستي يربط بين الإنتاج والاستخدامات الصناعية والتصدير، مع توافق تنظيمي مع معايير أوروبا وشراكات مع شركات عالمية تمتلك الخبرة ورأس المال. ورغم هذه المزايا، تواجه مصر تحديات مثل ارتفاع تكلفة الكهرباء المتجددة، ومتطلبات المياه النقية، وارتفاع أسعار المكونات وطول زمن التسليم، والحاجة لآليات دعم طويلة الأجل، بجانب المنافسة الإقليمية.
ولتحقيق الريادة في هذا المجال، تركز الاستراتيجية المصرية على إنتاج الأمونيا الخضراء للتصدير، وتخصيص مناطق خضراء داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وإنشاء برنامج شهادات لتتبع الكربون، واستخدام أدوات تمويل مبتكرة، وتطوير التصنيع المحلي، وتجهيز الموانئ لخدمات الوقود الأخضر.
وختامًا، يُمثل الهيدروجين الأخضر في مصر فرصة استراتيجية تجمع بين توسيع أسواق التصدير وخفض الانبعاثات محليًا، ومع تسريع وتيرة التنفيذ، وتعزيز سلاسل القيمة، وتنمية القدرات المحلية، تمتلك مصر مقومات ترسخ مكانتها كمركز إقليمي بارز لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.