تعود جذور مجموعة AIB إلى تاريخ مصرفي عميق في أيرلندا يمتد إلى القرن التاسع عشر حين ظهرت عدة بنوك محلية ساهمت ف

FirstBank فرست بنك موقع فرست بنك فيرست بنك first bank



مؤسسات عملاقة: «AIB الإيرلندي» من مصرف محلي إلى مجموعة مالية رائدة في أوروبا

FirstBank

تعود جذور مجموعة AIB إلى تاريخ مصرفي عميق في أيرلندا يمتد إلى القرن التاسع عشر، حين ظهرت عدة بنوك محلية ساهمت في تمويل التجارة والمشروعات الريفية والصناعات الصغيرة، من بين هذه البنوك بنك «Provincial Bank of Ireland» الذي تأسس عام 1825، و«Royal Bank of Ireland»، و«Munster & Leinster Bank»، كانت تلك المؤسسات تعد الدعامة الأساسية للنظام المصرفي الأيرلندي في تلك الحقبة، حيث وفرت السيولة للمجتمع المحلي وأسهمت في دعم النشاط الاقتصادي.

وفي عام 1966، جاءت الخطوة المفصلية بتأسيس Allied Irish Banks من خلال اندماج ثلاث من هذه البنوك التاريخية في كيان واحد، هو ما عُرف لاحقًا باسم AIB Group plc.

كان الهدف من هذا الاندماج هو بناء مؤسسة مصرفية وطنية قادرة على المنافسة داخليًا وخارجيًا، وتوحيد شبكة الفروع وقواعد العملاء تحت إدارة مركزية أكثر كفاءة.

خلال السبعينيات والثمانينيات، توسع البنك تدريجيًا خارج أيرلندا، فأنشأ فروعًا في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وبدأ يقدم خدمات جديدة في مجالات التمويل والاستثمار، مما نقله من بنك وطني إلى مجموعة مالية متكاملة.

شهد البنك خلال التسعينيات والعقد الأول من الألفية توسعًا قويًا في أعمال التجزئة والقروض العقارية، لكنه واجه تحديات حادة خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، حينها تعرض القطاع المصرفي الأيرلندي لانهيار كبير بسبب انفجار فقاعة العقارات، ما أدى إلى تدخل الدولة الأيرلندية وضخ رأس مال ضخم لإنقاذ البنوك.

وكان AIB من أبرز تلك البنوك التي تم تأميمها جزئيًا لضمان استقرار النظام المالي، وخضع البنك بعد ذلك لإعادة هيكلة شاملة شملت تخفيض القروض المتعثرة وتحسين جودة الأصول وتغيير هيكل الإدارة والحوكمة.

ومع مرور الوقت، بدأ البنك في استعادة عافيته تدريجيًا بفضل إصلاحاته الداخلية والتزامه بإعادة بناء الثقة مع العملاء والمستثمرين، أطلقت المجموعة خطة إصلاحية طويلة الأمد ركزت على التحول الرقمي وتعزيز رأس المال وتحقيق كفاءة تشغيلية أعلى.

وفي عام 2017 بدأت الحكومة الأيرلندية أولى مراحل بيع حصصها في البنك بعد تحقيقه أرباحًا مستقرة وعودة النشاط المصرفي للنمو.

وجاءت اللحظة التاريخية في عام 2025 حين أعلنت الحكومة الأيرلندية الانتهاء الكامل من بيع حصتها في البنك بعد خمسة عشر عامًا من الأزمة، لتعود AIB رسميًا إلى الملكية الخاصة، هذا التحول كان بمثابة تتويج لمسار طويل من الإصلاحات وإشارة واضحة إلى تعافي القطاع المصرفي الأيرلندي واستقراره.

اليوم تقدم مجموعة AIB مجموعة شاملة من الخدمات المصرفية تشمل الحسابات الجارية والادخارية، القروض العقارية والاستهلاكية، بطاقات الائتمان، إضافة إلى حلول تمويل الشركات والخدمات الاستثمارية وإدارة الأصول. كما تلعب دورًا مهمًا في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل مشاريع البنية التحتية في أيرلندا.

على الصعيد الرقمي، تعد AIB من أوائل المؤسسات التي تبنت التحول التكنولوجي الكامل في خدماتها المصرفية، حيث طورت تطبيقات متكاملة تتيح للعملاء إدارة حساباتهم ومعاملاتهم بسهولة، واستثمرت في الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء ومكافحة الاحتيال المالي.

رغم هذا النجاح، ما زالت المجموعة تواجه تحديات أبرزها المنافسة المتزايدة من البنوك الرقمية وشركات التكنولوجيا المالية، وتقلبات أسعار الفائدة وتأثيرها على محفظة القروض العقارية، إلى جانب الضغوط التنظيمية الأوروبية التي تفرض متطلبات صارمة في مجالات الحوكمة والاستدامة، ومع ذلك، فإن قدرة البنك على التكيف مع هذه المتغيرات تمنحه ميزة تنافسية في السوق الأيرلندية والأوروبية.

وتمثل قصة AIB نموذج فريد لتطور المؤسسات المالية التي نجحت في التحول من جذور مصرفية محلية تقليدية إلى كيان مالي متكامل يمتلك حضورًا قويًا في أيرلندا وخارجها، فبعد أكثر من قرن ونصف من النشاط، استطاعت المجموعة أن تمر بأزمات، وتتعافى، وتعود لتحتل مكانتها ضمن أقوى البنوك في أوروبا، محافظة على توازنها بين الكفاءة التشغيلية والمسؤولية المجتمعية، ومستمرة في رحلتها نحو مزيد من الابتكار والاستدامة في عالم المال.